القائمة الرئيسية

الصفحات

الاستحقاقات التقاعدية في زمن كورونا بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا



الاستحقاقات التقاعدية في زمن كورونا
بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا



الاستحقاقات التقاعدية في زمن كورونا
بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا

   مثّل تفشي وباء كوفيد – 19 تحدياً غير مسبوق ليتطلب الأمر اتخاذ اجراءات غير مسبوقة, فالجهود المبذولة لتجاوز تبعات الجائحة وكيفية التعامل مع الازمة تتطلب التعامل السريع لعدم وجود الوقت الكافي للتمهل في اتخاذ القرار والاجراء المطلوب لتتكاتف الجهود لمنع المآسي المتأتية عن الحظر وتخفيف معاناة الناس لتتصدر معاناة من احيلوا على التقاعد منذ أشهر دون الحصول على مستحقاتهم المالية في ظل اجراءات الحجر الصحي والازمة التي تواجهها البلاد وهو ما أثار حفيظة شريحة واسعة من الشعب العراقي ممن يتقاضون رواتباً تقاعدية تعد مصدر دخلهم الرئيس والوحيد إن صح القول تزامناً مع انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية بسبب امتلاء مستودعات التخزين وكثافة العرض ليعد ذلك احد أهم أسباب الازمة المالية التي أصابت دولاً عدة ومنها العراق تزامناً مع انتشار الجائحة على الصعيد العالمي فالدول النامية هي الأكثر تضرراً ولا سيما انها تعتمد في اقتصادياتها على الواردات النفطية كموارد اقتصادية وهو ما يدخل البلد في توقعات مفزعة, فوفق تلك المعطيات تصبح الدول غير قادرة على الاستمرار في دفع الرواتب دون اللجوء لقرارات تترك أثراً سلبياً على تلك الرواتب والواقع الاقتصادي للدولة ولا سيما ان مؤشرات العجز باتت واضحة للعيان لذلك على العراق كإحدى الدول المتضررة من انخفاض الاسعار السعي لمعالجة المسألة ولا سيما انه بلد تعد الصادرات النفطية إحدى أهم موارده لتغذية رواتب الموظفين والمتقاعدين ولا سيما ان موازنات البلد وبنسبة  (92%)  وهو ما يؤكد استحالة تمويله اذا ما استمرت ازمة كوفيد – 19 واستمر انخفاض اسعار النفط تبعا لها، ألا أن التساؤل الذي يثور ما هو نظام التقاعد في العراق والى ماذا يهدف ؟
يهدف نظام التقاعد لضمان دخل يحقق أدنى مستوى معيشي للأشخاص الذين بلغوا سنا معينا ولم يعودوا قادرين على العمل بسبب وضعهم الصحي او الجسدي في هذه المرحلة العمرية وهو ما يحول دون مقدرتهم على اداء الاعمال بنفس الصورة والكفاءة التي كانوا عليها قبل بلوغهم هذه السن لذا ولحمايتهم من البطالة ولصعوبة ايجاد عمل في ظروفهم تلك ولكونهم بأمس الحاجة للعون بعد أن أفنوا جزءاً من عمرهم في خدمة المصلحة العامة والمتمثلة بالإدارة العامة ليكون منحهم راتباً تقاعدياً أو مكافأة تقاعدية لذا كان الاتجاه لان يكافأ من خدم للدولة في ذروة شبابه لا أن يهمل فلا يجد ما يضمن له ضروريات الحياة، ليكون الراتب التقاعدي إحدى امتيازات الموظف بعد توفر شروط منحه ليكون حافزا لاجتهاده في عمله واداء مهامه الوظيفية على الوجه المطلوب اضف الى ذلك انه يأخذ بُعداً اجتماعياً واقتصادياً ليعرف الراتب التقاعدي بأنه مبلغ نقدي يصرف للموظف بعد انتهاء صلته الوظيفية بصورة منتظمة يؤول للمستحقين من ورثته بعد وفاته مقابل مبالغ تستقطع من راتبه ومساهمات الدولة والمؤسسات العامة، في حين يرى آخرون بأن الراتب التقاعدي هو أحد الحقوق المالية التي يستحقها الموظف قانونا بمجرد انتهاء خدمته الوظيفية بإحدى اسباب انتهاء الخدمة المحددة قانونا دون ان يتوقف ذلك على ارادة الادارة، اما القانون العراقي في قانون التقاعد الموحد رقم ( 9) لسنة 2014 في المادة الاولى منه في الفقرة الخامسة عشر فقد عرفه بانه الراتب التقاعدي الذي يستحقه المتقاعد، لذا ومما تقدم هو استحقاق مالي للموظف متى ما توافرت الشروط القانونية لمنحه إياه، اذن الراتب التقاعدي ليس منحة او هبة بل هو حق من حقوقه نظير ما استقطع من راتبه من توقيفات تقاعدية بصورة منتظمة خلال فترة توليه الوظيفة العامة والتي تمثل نسبة ( 7%) من راتبه الاساس وفق ما اقره قانون التقاعد الموحد رقم (27) لسنة 2006 المعدل  في حين تناول  تلك النسبة القانون رقم (9) لسنة 2014 المعدل النافذ والتي تمثل العنصر  الاول من الراتب وفق ما أوردته المادة (17/ اولا ) بما يعادل نسبة ( 10%) يتحملها الموظف والعنصر الثاني هو مساهمة مالية تخصص من الموازنة العامة للدولة تخصص لدعم صندوق التقاعد المناط به مهمة صرف المستحقات التقاعدية, التي حددها القانون أعلاه بنسبة (15%) من راتب الموظف الشهري وفق ما أقرته المادة (9/ أولاً / ب) لتبلغ نسبة ما يستقطع من توقيفات تقاعدية ما مقداره (25%) من الراتب الوظيفي للموظف، ليتحقق استحقاق الموظف المحال للتقاعد صرف راتبه التقاعدي وفق حالات منها وجوبي كما هو الحال عند  بلوغ السن القانوني للتقاعد بغض النظر عن صحته وقدرته على العمل، والعجز متى ما ايدت لجنة طبية عدم صلاحيته للخدمة وفق ما أقرته المادة ( الاولى / الفقرة ب/ ثانيا ) من قانون التقاعد الموحد رقم (27) لسنة 2006 المعدل والمادة ( 13 / اولا ) من قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014  ، او قد يحال الموظف للتقاعد بناء على طلبه بشرط موافقة الادارة على طلبه بخلاف الحالات التي يعد فيها مستقيلا بحكم القانون وهو ما بينته المادة (الاولى / ف4) والتي اجازت للموظف طلب الاحالة للتقاعد في حالتين الاولى اكماله ( 50) سنة من عمره فاكثر بصرف النظر عن مدة خدمته، اما الاحالة للتقاعد بأمر الادارة فهو ان يحال الموظف الذي اكمل مدة زمنية معينة في خدمة مقبولة لتسيير مرفق عام بانتظام واطراد بما يضمن تحقيق المصلحة العامة وهي تتم بصدور قرار اداري من جانب السلطة المختصة، لذا فان احالة الموظف على التقاعد لا علاقة لها باستحقاق الراتب التقاعدي اذا ما توافرت شروط الاحالة للتقاعد ثم يتم العمل على تحديد مستحقاته فيما اذا كان مستحقا لراتب تقاعدي وهو ما يتقرر بتوفر شرط الخدمة والعمر وفق ما حدده القانون او ان ما يستحقه هو عبارة عن مكافأة تقاعدية تصرف له لمرة واحدة دون ان يمنح راتبا تقاعديا وهو ما يبين لنا ان ليس كل من يحال للتقاعد يمنح راتباً تقاعدياً وفق ما أقرته  المادة ( 13) من قانون التقاعد الموحد المنوه عنه اعلاه والتي بينت بان الراتب التقاعدي لا يصرف الا اذا كان الموظف قد اكمل (50) سنة من عمره ولديه خدمة تقاعدية لا تقل عن (20) سنة. وفق ما اقرته المادة (12/ اولا ) من قانون التقاعد الموحد النافذ، اما بما يتعلق بإحالة مجلس الوزراء السابق للتقاعد فهو وما يتوافق واحكام المادة (14/ اولا ) من القانون والتي تنص على : ( يحال الى التقاعد الموظف المعين بمرسوم جمهوري أو بأمر من مجلس الوزراء او رئيس مجلس الوزراء او هيأة رئاسة مجلس النواب بالكيفية التي تم تعينه فيها ) لذا فالمحتوى والتطبيق مجملاً بقانون على الرغم من ان قانون التقاعد الموحد النافذ اصطدم بالعديد من العقبات والتي منها التعديل الاول للقانون بموجب القانون رقم ( 26) لسنة 2019 الذي نُوقش على عجالة مما جعله خالياً من المبتغى وانتشار حالة من اليأس وعدم الرضى حول جدوى القانون وان كان الهدف منه توفير فرص عمل لتشغيل فئات أُخر لم تأخذ فرصتها بالحصول على فرصة عمل الا اننا نجد انه بعد مضي اكثر من ستة اشهر على ذلك التعديل ان ذلك الأمر لم يحقق المبتغى في ظل انخفاض أسعار النفط وتقشي وباء كوفيد – 19 في البلاد بما تزامن مع عدم وجود تخصيصات مالية للذين سيتم تعينهم وعدم تشريع قانون الموازنة الذي بات في مهب الريح بسبب انخفاض الطلب العالمي على النفط وانخفاض اسعاره  وهو ما يدفع لإيجاد مصادر داخلية للإيرادات وهي الصناعات الغذائية والادوية والتعليم وتقنيات المعلومات لتكون تلك المنتجات بديلة عن نظراتها المستوردة ولا سيما بعد أزمة كورونا ليتحول الامر الى استغلال الازمة وتحويلها الى مكسب بتطوير الامكانيات الذاتية للدولة وهو ما يوفر العملة الصعبة وتشجيع الصناعات المحلية والتهيؤ لمرحلة ما بعد كورونا ولا سيما ان المؤشرات تشير بوضوح لاحتمالية نشوب حرب بين أطراف كبرى في العالم بسبب الازمة الحالية .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع