إنعدام صفة المضيف لموقع (eBay) للمزاد الإلكتروني
(eBay is not an Internet
Service Provider )
(eBay n'est pas un hébergeur)
الاستاذ المساعد الدكتور
حامد شاكر محمود الطائي
جهاز الاشراف والتقويم
العلمي
إنعدام صفة المضيف لموقع (eBay) للمزاد الإلكتروني
(eBay is not an Internet Service Provider )
(eBay n'est pas un hébergeur)
الاستاذ المساعد الدكتور
حامد شاكر محمود الطائي جهاز الاشراف والتقويم العلمي
إذ نقضت الغرفة التجارية في محكمة النقض
الفرنسية في قراراتها رقم: (11-10505) و (11-10507) و(11-10508) الصادرة في 3مايو2012([1])،
قرار محكمة إستئناف باريس الصادر بتاريخ 3 سبتمبر2010, نقضاً جزئياًCassation partielle ,
وتتلخص وقائع القضية:(موضوع القرارات الثلاث), ب:
((أن الشركات:Parfums
Christian Dior
و Kenzo Parfums و Parfums Givenchy و Guerlain (شركات DKGG) ، وهي شركات متخصصة بإنتاج مستحضرات
التجميل والعطور, تقوم بتسويق منتجاتها في سياق شبكات التوزيع الانتقائية Le cadre de réseaux de distribution
sélective، لاحظت هذه الشركات بأن معلنين يقومون
بعرض بيع منتجاتهم,
التي تحمل العلامات التجارية الشهيرة:"Dior Guerlain, Givenchy, Kenzo,", وذلك من خلال مواقع للمزاد العلني على
الإنترنت تعود هذه المواقع لشركة eBay
International AG ،
وشركةeBay Inc.
، وهما من
(شركات eBayالامريكية), وبسبب ذلك رفعت (شركات DKGG)، دعوى قضائية ضد هاتين الشركتين أمام
المحكمة التجارية في باريس لغرض الحكم عليهما بدفع التعويض بسبب الأضرار التي
لحقتهما من جراء ذلك العمل غير المشروع, ومطالبتهم بدفع مبلغ (800000) يورو لمصلحة (شركة(SA
Christian Dior Couture كتعويض عن الاستغلال غير المبرر لحقوقها، ومبلغ (1،800،000) يورو
كتعويض عن الأضرار التي لحقت بسمعته التجارية, ومبلغ (80000) يورو عن الضرر
المعنوي، فضلاً عن نشر القرار، على حساب شركات eBay، في ثلاث صحف فرنسية / أو دولية من اختيارها
في حدود 5.000 يورو, والزام كلتا الشركتين:eBay
Inc.) و eBay International AG)، بنشر
القرار على جميع (مواقع eBay) لمدة ثلاثة أسابيع من القرار، وباللغتين الفرنسية والانكليزية)).
وكان توجه الغرفة التجارية في القرارات
الثلاث بإثبات صفة الناشر:"éditeur"؛ لـ (شركاتeBay) وليس صفة المضيف: " "hébergeur,
وذلك لقيامها بدور إيجابي في الرقابة والسيطرة على البيانات المخزنة على موقعها,
ومن ثم تكون مسؤولة وفقاً للقواعد العامة في المسؤولية المدنية, ولا تستفيد من
تطبيق نظام المسؤولية المشروطة المنصوص عليه في المادة (6) الفقرة الاولى البند
الاول من قانون الثقة في الاقتصاد الرقمي الصادر في21 يونيو2004([2]), أما الأبعاد
القانونية لهذا القرار التمييزي, فتتمثل بالنقاط الآتية:
أولاً: إنعدام صفة المضيف
لموقع (eBay)
للمزاد الإلكتروني: أن الموقع الإلكتروني
الخاص بالمزاد الإلكتروني هو موقع ويب غير مضيف, أي ليس (مزود
خدمات الاســتضافة): (eBay n'est pas un hébergeur) ([3]), إذ جاء في الحيثيات, بأنه: " أن (شركات eBay) في هذه القضية لا
تمتلك صفة المضيف لوحدها, وبالتالي فلا يمكنها الاستفادة، بموجب وضع الوسيط الخاص
بهم Statut de courtier ، عملاً بأحكام المادة (6-1-2) من قانون
21 يونيو 2004 بشأن تعزيز الثقة في الاقتصاد الرقمي([4]), وليس كما إدعت الشركتين: بأنها قد
ارتكبت أخطاء فادحة من خلال إخلالها بإلتزامها بضمان أن لا يولد نشاطها أعمال غير
قانونية تمثل إعتداء على شبكات التوزيع الانتقائية التي وضعتها(شركات (DKGG، وذلك للأسباب
القانونية الآتية:
أ-
أن ممارسة نشاط الاستضافةUne activité d’hébergement ، بالمعنى المقصود في المادة (14) من
التوجيه الأوربي:( 2000/31 / (EC الصادر في 8 يونيو 2000 ، لا يستثنى من ممارسة
نشاط الوساطة طالما أن مقدم الخدمة يقوم بنشاط تخزين الإعلانات دون التحكم في
المحتوى التحريري لها؛ ومع ذلك، فإن (شركات (eBay لا يمكنها ممارسة
نشاط الاستضافة؛ لأنها توفر خدمة الوساطة من خلال الترويج لبيع الأشياء المعروضة
للبيع في مواقعها.
ب-
أن ممارسة نشاط الاستضافةUne activité d’hébergement ، بالمعنى المقصود في المادة (14) من
التوجيه الأوربي: (2000/31 / (EC
الصادر في 8 يونيو 2000، لا تستبعد بسبب ممارسة نشاط التخزين طالما أن مقدم الخدمة
يمارس نشاط حفظ الاعلانات والاشارات والمحررات والرسائل بجميع أنواعها بقصد وضعها
في متناول الجمهور، دون ممارسة أي تحكم بالمحتوى التحريري يكون من شأنه منحه
المعرفة أو السيطرة على البيانات المخزنة؛ وأن هذا الدور يجب تقييمه في ضوء السيطرة الفعلية التي يقوم بها مقدم
الخدمة وليس وفقاً لما تتيحه وسائله الفنية؛ وهكذا فإنه لا ينبغي أن يتم
تقدير دور (شركات (eBay
وفقاً للتحكم الذي يمارسه فعلياً مقدم الخدمة، فإستبعاد ممارسة نشاط الاستضافة،
رهين بأن يكون تحت تصرفهم وسيلة لمعرفة الإعلانات التي ينشرها البائعون وممارسة
الرقابة التحريرية.
ت-
في جميع الاحوال يجب تقييم وجود نشاط
إستضافة (Une activité
d’hébergement)،
أزاء كل من الأنشطة التي ينشرها مقدم الخدمة؛ ولهذا فأن (شركات (eBay لم تكن تمارس نشاط
الاستضافة على أساس أن أعمالهم كان يجب تقييمها ككل، ثم أن (شركات eBay) لم يثبت أن لديها
أدواراً مختلفة بحسب الخيارات التي يختارها البائعون، بحيث أن الأمر لم يكن يعدو
مسألة نشر الإعلانات التي أختارها أولئك الذين اختاروا خدمات إضافية، مثل المساعدة
في صياغة الإعلانات، أو الترويج لمبيعاتهم، وتمكينهم من الاطلاع على تلك
الإعلانات.
ولما تقدم من أسباب, فإن الحكم يشير إلى أن
(شركات eBay)،
قامت بتقديم المعلومات الى جميع البائعين بشكل يمكنهم من تحسين مبيعاتهم ومساعدتهم
في تعريف ووصف السلع المعروضة للبيع, ولاسيما بتقديم إقتراح إنشاء مساحة عرض شخصي
للبيع أو الاستفادة من "مساعدي المبيعات"؛ وبين هذا الحكم أيضا, أن
(شركات (eBay، ترسل رسائل مؤقتة
إلى المشترين لتشجيعهم على إقتناء تلك السلع, وتدعو المزايد الذي لم يتمكن من
الفوز في مزاد علني الى التوجه إلى بضائع أخرى مماثلة تنتقيها هي, وبهذه النتائج
والتقييمات كان بإمكان محكمة الاستئناف أن تستنتج بأن (شركات eBay)، لم تمارس أدنى
نشاط في الاستضافة، ولكنها بغض النظر عن أي خيار يختاره البائعين، قد أدت دوراً
فاعلاً من شأنه منحهم المعرفة أو السيطرة على البيانات التي تم تخزينها, وأن
تحرمها من نظام الإعفاء من المسؤولية الذي تنص عليه المادة (6-1-2) من قانون 21
يونيو 2004 بشأن تعزيز الثقة في الاقتصاد الرقمي, والمادة (14-1) من التوجيه الأوربي
رقم(2000 /31/EC),
وهكذا فإن هذا الطعن لا أساس قانوني له.
ثانياً: تقييم الإتجاه التمييزي الحديث
أ-
إن هذه القرارات الثلاثة من محكمة
النقض الفرنسية تمثل وبجدارة الحلول الأكثر اعتماداً ولو لمدة على الأقل، فهي تقدم
تفسير موحد une interprétation uniforme للدور الذي تؤديه
إدارة (موقع
(eBay,
وفي
الواقع، وفي ظل غياب تعريف لمفهوم الناشر, وتحديد الحد الفاصل بين مصطلحي
(المضيف: "
"hébergeur والناشر:"éditeur")؛ وهي من المسائل القانونية التي لا تزال
غير مستقرة, خاصة وأن معايير التأهيل تختلف بشدة منذ عام 2004. أن ذلك ليس من
المستغرب أن هذه المعايير تتغير مرة أخرى اعتماداً على الخدمات المقدمة وتبعاً
للتطورات التكنولوجية التي يشهدها هذا القطاع, وكما يلاحظ في قرارات الغرفة التجارية, بأنها
قد أثبتت صفة الناشر لـ (شركاتeBay), لأنها قامت بدور
ايجابي في الرقابة والسيطرة على البيانات المخزنة على موقعها, ومن ثم تكون مسؤولة
وفقاً للقواعد العامة في المسؤولية المدنية, ولا تستفيد من تطبيق نظام المسؤولية
المشروطة المنصوص عليه في المادة(6) الفقرة الاولى البند الاول من قانون الثقة في
الاقتصاد الرقمي الصادر في21يونيو2004([5]).
ب-
فضلاً عن ذلك، فإنه ومن خلال التأكيد
على إيجاد تحليل أكثر واقعيةune analyse très) factuelle ) للدور الذي يؤديه
مقدم الخدمة الوسيط le prestataire intermédiaire))، وأن محكمة النقض
تعطي أهمية كبيرة للسلطة التقديرية لقضاة الأساس
pouvoir d'appréciation des juges du fond
، في مقابل مواجهة خطر التقلبات الكثيرة في الاجتهادات القضائية
ذات العلاقة بهذا الموضوع, ونعتقد أن الحل يكمن ربما في تحقيق قدر أكبر من اليقين
القانونيLa sécurité juridique ، الذي يمكن أن يأتي من خلال العمل التشريعي،
وبشكل يؤدي الى الخروج بتوجيه أوربي جديد يصدر عن المفوضية الأوروبية, وإجراء
مشاورات عامة حول مستقبل التجارة الإلكترونية في السوق الداخلية والبحث في مدى
فاعلية تنفيذ التوجيه الأوربي المتعلق بـ "التجارة الإلكترونية"
(2000/31
(EC/، بهدف تذليل العقبات التي تعترض تطوير نشاط
التجارة الإلكترونية في أوروبا([6]).
ت-
ويبدو ان القضاء الاوربي ومن خلال محكمة العدل الأوربيةCJUE)), قد أدرك مسألة حتمية الزام مقدمي الخدمات عبر الإنترنت
بإجراء عملية الفلترة:(Filtering /Filtrage) لكافة المعلومات المنقولة والمخزنة للأنشطة غير المشروعة, من
خلال تدخل القضاء, لإيجاد حالة من التوازن بين حقوق الملكية الفكرية والحقوق
الأخرى, من جهة, وبين الحقوق والحريات الأساسية الأخرى، كالحق في حماية البيانات
الشخصية و الحرية في الوصول إلى المعلومة والحرية في التعبير من جهة أخرى([7]).
[1]-V.: Cour de cassation. Chambre commerciale du 3 mai
2012, N° de pourvoi: 11-10505 et: 11-10507 et: 11-10508. Publication: Bulletin 2012, IV, n° 89
[2]-وقد عرفت المادة(6-1-1) من القانون الفرنسي رقم (575-2004)
الصادر في 21 يونيو 2004 بشأن تعزيز الثقة في الاقتصاد الرقمي, موردي خدمة الاتصال
بالإنترنت, بأنه :"
الأشخاص المنوط بهم تزويد الجمهور
بالدخول إلى خدمات الاتصال على الشبكة وإعلام مشتركيهم بوجود وسائل تقنية تمكنهم
من تقييد الدخول إلى بعض الخدمات أو اختيارها ويعرضون عليهم على الأقل إحدى هذه
الوسائل "، فوفقاً
لهذا التعريف، يقتصر دور مزود خدمة الدخول إلى الشبكة على تمكين مستخدمي الشبكة من
الدخول إليها، ومن ثم الدخول إلى الموقع الإلكتروني، دون أن يكون له من حيث المبدأ
دور في تزويد الموقع الإلكتروني بالمحتوى أو إدارته أو تعديل مضمونه, ويفهم من ذلك أن نظام المسؤولية يجب أن يرسم على أساس
الوظيفة التقنية التي يقوم بها مزود الخدمة والتي تستبعد العلم بمحتوى المعلومات.
النص باللغة الفرنسية:
La loi No 2004-575 du 21 juin 2004 pour la confiance dans l’économie
numérique. Art. 6.1.1: " Les personnes dont l'activité est d'offrir un
accès à des services de communication au public en ligne informent leurs
abonnés de l'existence de moyens techniques permettant de restreindre l'accès à
certains services ou de les sélectionner et leur proposent au moins un de ces
moyens".
[4]-تنص المادة (6-1-2) من القانون الفرنسي رقم (575-2004) 21
يونيو 2004 بشأن الثقة في الاقتصاد الرقمي, بأنه :" الاشخاص الطبيعيون أو المعنويون الذين يضعون
ولو من دون مقابل تحت تصرف الجمهور عن طريق خدمات الاتصال عبر شبكة الإنترنت,
تخزين الرموز,أو الكتابات, أوالصور, أوالاصوات, أوالرسائل أياً كانت طبيعتها والتي
تزود بواسطة المستفيدين من هذه الخدمات لا يمكن أن تترتب مسؤوليتهم المدنية بسبب
قيامهم بهذه النشاطات أو بسبب المعلومات المخزنة بناءً على طلب المستفيدين من هذه
الخدمات, ويعفى مزودي خدمات الاستضافة
على الشبكة من
المسؤولية إذا لم يتوافر لديهم العلم الفعلي
بالطبيعة غير المشروعة للنشاط أو المعلومات التي يقوم بتخزينها، أو العلم بالوقائع
والظروف التي يكون فيها النشاط أو المعلومات غير المشروعة واضحاً, وتقوم مسؤولية
مزودي خدمات الاستضافة من لحظة علمهم بالمحتوى المعلوماتي غير المشروع, ومع ذلك لم
تتخذ الاجراءات اللازمة لشطبه أو منع وصوله للجمهور". وهكذا
تقوم مسؤولية مزودي خدمات الاستضافة إذا توافر لديهم العلم الفعلي بالطبيعة غير
المشــروعة للمحتوى، ولم يخطروا السلطات أو يتصرفوا فوراً لإزالة البيانات، أو جعل
الوصول إليها مستحيلا. النص باللغة الفرنسية:
La loi No2004-575
du 21 juin 2004 pour la confiance dans l’économie numérique. Art. 6.1.2: "
Les personnes physiques ou morales qui assurent, même à titre gratuit, pour
mise à disposition du public par des services de communication au public en
ligne, le stockage de signaux, d’écrits, d’images, ou de messages de toute
nature fournis par des destinataires de services ne peuvent voir leur
responsabilité civile engagée du fait des activités ou des informations
stockées à la demande d’un destinataire de service si elles n’avaient pas
effectivement connaissance de leur caractère illicite ou de faits ou
circonstances faisant apparaître ce caractère ou si, dès le moment où elles en
ont eu connaissance, elles ont agi promptement pour retirer ces données ou en
rendre l’accès impossible ; L’alinéa précédent ne s’applique pas lorsque le
destinataire du service agit sous l’autorité ou le contrôle de la personne
visée audit alinéa".
[5]-ينظر:
د. طارق جمعة السيد راشد,
المسئولية المدنية للناشر الإلكتروني: دراسة مقارنة, ط1,
المركز العربي للدراسات والبحوث العلمية, القاهرة, 2018, ص52.
-[7]"Par conséquent, la Cour répond que le juge
national, en adoptant une injonction obligeant le prestataire de services
d’hébergement à mettre en place un tel système de filtrage, ne respecterait pas
l’exigence d’assurer un juste équilibre entre d’une part, le droit de propriété
intellectuelle, et d’autre part, la liberté d’entreprise, le droit à la
protection des données à caractère personnel et la liberté de recevoir ou de
communiquer des informations". Source : Communiqué de
presse de la Cour de Justice de l’Union européenne, n° 11/12, Luxembourg,
le 16 février 2012
"The effects of such an injunction would not be limited,
moreover, to those internet service providers, as the filtering system may also
infringe the fundamental rights of their customers, namely, their right to
protection of their personal data and their freedom to receive or impart
information, those rights being safeguarded by Articles 8 and 11 of the Charter
of Fundamental Rights of the European Union, respectively". CJUE 16 fév.
2012 n: 11/12- 24 nov. 2011 n:70/10.
وينظر:
د. بسام فنوش الجنيد, المسؤولية المدنية عن الإعلانات التجارية عبر الإنترنت, مصدر سابق, ص92.
تعليقات
إرسال تعليق
اذا أعجبك الموضوع فلماذا تبخل علينا بالردود المشجعة