القائمة الرئيسية

الصفحات

تحديات مواجهة جرائم تهريب المواد المخدرة عبر الطيران المدني الدولي بقلم : م.م شيماء أحمد خلف معهد العلمين للدراسات العليا



تحديات مواجهة جرائم تهريب المواد المخدرة عبر الطيران المدني الدولي
بقلم : م.م شيماء أحمد خلف
معهد العلمين للدراسات العليا

  
تحديات مواجهة جرائم تهريب المواد المخدرة عبر الطيران المدني الدولي
بقلم : م.م شيماء أحمد خلف معهد العلمين للدراسات العليا

   تعد جرائم الاتجار بالمواد المخدرة ذات الاستخدامات غير الطبية واحدة من أخطر التحديات التي تواجه المجتمع الدولي برمته، اذ تجاوزت هذه الجرائم نطاق الحدود الوطنية للدول، وباتت أثارها واضحة للعيان في الكثير من دول العالم.
   ولم يدخر المجتمع الدولي جهداً في سبيل أرساء القواعد القانونية التي تضمن الحد من جرائم الاتجار بالمخدرات، والفصل بين المواد المخدرة الضارة ، والمواد ذات الاستخدامات الطبية وكانت الاتفاقية الدولية الخاصة بالمخدرات المبرمة عام 1961م, والتي عرفت بالاتفاقية الوحيدة، هي باكورة انجازات الامم المتحدة في هذا المجال, أذ أخذت هذه الاتفاقية على عاتقها استبدال المعاهدات المتعددة الاطراف الخاصة بمكافحة الاتجار بالمخدرات بمعاهدة دولية جامعة، وتم ذلك فعلاً خلال المؤتمر المنعقد في نيويورك في الفترة من (24/ كانون الثاني – 25/  أذار, عام 1961م, وقد صادقت على هذه الاتفاقية (73) دولة.
    وما لوسائل النقل وخصوصا الطيران المدني من دور كبير في مجال التجارة الدولية فقد تضمنت الاتفاقية بنودا سعت من خلالها على تضييق امكانية نقل المواد المخدرة التي يراد منها الاستخدام لاغراض غير طبية عبر وسائل النقل العالمية وفي مقدمتها قطاع الطيران المدني الدولي اذ نصت الفقرة (الاولى من المادة 32) من الاتفاقية على ( لا يعتبر النقل الدولي بالسفن او الطائرات لكميات محدودة من المخدرات التي قد تلزم أثناء السفر او الرحلة للاسعاف الاولي او لمواجهة الحالات الطارئة , عملية استيراد او تصدير او مرور عبر بلد حسب مفهوم هذه الاتفاقية ), وشددت الفقرة - الثانية من المادة ذاتها - على مسؤولية دولة تسجيل الطائرة ازاء اتخاذ التدابير اللازمة لمنع سوء استخدام المواد المخدرة اذ نصت على ( يقوم البلد المسجل للطائرات باتخاذ الاحتياطات المناسبة لمنع سوء استعمال المخدرات المشار اليها في الفقرة الاولى او تحويلها الى اغراض غير مشروعة ), ومنحت الفقرة (الثالثة من المادة 32) لدول العبور و لدولة هبوط الطائرة حق التفتيش والتدقيق اذ نصت على (تخضع المخدرات المنقولة بالسفن او الطائرات , وفقا لاحكام الفقرة الاولى لقوانين البلد المسجلة لديه وانظمته ورخصه واجازاته , دون الاخلال بحقوق السلطات المحلية المختصة في اجراء عمليات التدقيق والتفتيش وغيرها من الرقابية على متن السفن والطائرات).
    وقد أدرك المجتمع الدولي وذلك استنادا لتقرير الخبراء الدوليين بضرورة ألغاء بعض الاستخدامات الطبية والعلمية لعدد من المواد التي ثبت تأثيرها السلبي على الصحة والعقل والنفس, أذ حضرت الاتفاقية استخدام مواد الكوكايين والافيون والقنب, وأضافته مواد أخرى محضورة في الاتفاقية الدولية الخاصة بالمؤثرات العقلية الجديدة لعام 1971م, وتطور الفكر الدولي الخاص بمكافحة المخدرات والاتجار بها بدرجة ملموسة وذلك بظهور الدعوات الرامية الى السماح بعلاج المدمنين بدلاً من تجديد العقوبة عليهم, وظهر ذلك جلياً في بروتوكول عام 1972م, المعدل للاتفاقية الوحيدة للمخدرات, ومن جانب فقد نجحت هذه الاتفاقيات الى حد ما في اقرار القوانين الملزمة للدول في مراقبة أسواقها وحدودها من حيث امتداد تداعياتها, ومنع تسريب المواد الخاضعة للرقابة لأغراض غير مشروعة, وفي ظل الظروف التي برزت بوادر على ضرورة مواصلة الجهود, ألا إن ذلك لم يمنع من جانب أخر اتساع نطاق زراعة النباتات التي يستخلص منها المواد المخدرة وانتشار السواق الغير مشروعة المروجة لها, ففي سبيل تنظيم وتأمين الطيران والمطارات في أهمية هذه الموضوع  فقد جاءت اتفاقية عام 1988م, الذي يختص بوضع ضوابط واجراءات لمكافحة الإتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية دليل على حرص المجتمع الدولي على مواجهة تجارة المخدرات, بأسرع وقت ممكن.
    وتكمن أهمية هذه الاتفاقية الأطراف الدولية بالتعامل بشكل ملزم وحازم مع مجموعة واسعة من جرائم المخدرات كجرائم جنائية ومنها على وجه الخصوص نقل المواد المخدرة باعتباره جريمة دولية اذ نصت الفقرة (4 / أ  من المادة الثالثة) على ان يتخذ كل طرف في الاتفاقية كل ما يلزم من تدابير لتجريم (صنع أو نقل أو توزيع مواد تستخدم في زراعة او انتاج او صنع المخدرات أو المؤثرات العقلية بشكل غير مشروع), ومنحت الاتفاقية لدولة تسجيل الطائرة الاختصاص القضائي ازاء جرائم نقل المخدرات عبر طائراتها المسجلة اذ نصت المادة (الرابعة الفقرة 1 / ب) على ان لكل طرف ان يتخذ ما يلزم من تدابير لتقرير اختصاصه القضائي في مجال جرائم نقل المخدرات عندما (ترتكب الجريمة على متن طائرة مسجلة بمقتضى قوانينه وقت ارتكاب الجريمة), والتي يجب أن تعمل بها الدول الاعضاء.
    الا أن وبمرور نحو ثلاثة عقود على هذه الاتفاقية فإن البيانات والاحصائيات الدولية تشير الى أن أعداد الافراد المسجونين بسبب أو تهم تتعلق بجرائم المخدرات قد أزداد بثلاث أضعاف كما كانت عليه قبل أبرام الاتفاقية عام 1988م، ومن هنا ظهر ما يسمى بحرب المخدرات أذ سعي العديد من الدول خصوصا الولايات المتحدة وامريكا الجنوبية لقواتها المسلحة الى تحقيق النتائج الايجابية المرجوة لسلطة مكافحة المخدرات وأقرت القوانين الوطنية الأكثر تشدداً في تجريم أنتاج المواد المخدرة وتجارتها وتعاطيها.
   ولهذا الشأن عززت منظمة (الايكاو), جهودها التي تستهدف مكافحة الجريمة عبر الحدود الوطنية اذ تم توقيع مذكرة تفاهم بين (الايكاو) ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وذلك في العاصمة البريطانية - لندن في 2/ ايار/ 2018م، وتهدف المذكرة الى تحسين نطاق وفعالية الإجراءات الحالية الرامية إلى حماية الطيران من جرائم الاتجار غير المشروع والتهديدات الأمنية الأخرى وتعزيز إمكانات وكالات إنفاذ القانون، التي تعمل بالمطارات في بلدان المنشأ والعبور والمقصد، ودعم قدراتها على اكتشاف المخدرات والبضائع غير المشروعة والمجرمين واعتراض سبيلها، ويشكل هذه الموضوع عنصراً حيويا.
    اذ يسعى عناصر الجريمة المنظمة إلى استغلال الطيران المدني الدولي  في انشطة نقل المواد المخدرة، كما أن أعداد الركاب الآخذة في التزايد، والربط المتنامي تمثل تحديات جديدة في مواجهة شحن المخدرات وغيرها من البضائع غير المشروعة، سواء تلك التي يحملها الركاب أو الموجودة بداخل الأمتعة أو المنقولة عبر الشحن الجوي أو على متن الطائرات الخاصة أو عن طريق الطرود البريدية والبريد السريع.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع