القائمة الرئيسية

الصفحات

الاثر البيئي والصحي للمخلفات الطبية بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا



الاثر البيئي والصحي للمخلفات الطبية
بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا

 
الاثر البيئي والصحي للمخلفات الطبية
بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا

    تعد الانشطة الصحية احدى اهم وسائل حماية الصحة وتعافيها في المجتمع الا ان تلك الانشطة ينتج عنها مخلفات ومنتجات ثانوية، ليثار التساؤل النهم عن مصير تلك المخلفات اذا ما عرفنا ان نسبة الغير خطر منها في الظروف الاعتيادية تبلغ (85% ) عموما كأجمالي لأنشطة الرعاية الصحية وما يعادل ( 15%) منها مواد خطرة ناقلة للعدوى او سامة او مشعة، فما يعادل (16) مليار حقنة يتم استعمالها يوميا في جميع انحاء العالم وهو ما يثير القلق في ظل واقع انه لا يتم التخلص منها بالطريقة السليمة بعد الاستعمال ، اذ ان اعادة استعمال ادوات الحقن تسبب في (33800) بعدوى فيروس نقص المناعة الايدز، و( 1.7) مليون حالة التهاب الكبد من النوع (B)، و( 31500) حالة عدوى من النوع)  C) اذ يبلغ احتمال العدوى لشخص جرح مرة واحدة من ابرة سبق استعمالها مريض مصاب حوالي (30%)، وهو ما اكدته وكالة حماية البيئة الامريكية التي اشارت الى انه هنالك حوالي (163- 321) حالة اصابة بالتهاب الكبد الوبائي بسبب المخلفات الطبية الحادة والناتج عن الاهمال او عدم الدراية او ضعف الناحية التقنية في عملية التخلص منها، او قد تحرق تلك المخلفات ليكون ناتج الاحتراق انبعاثات سامة ملوثة للهواء تتمثل في ديوكسانات وفيورانات سامة ملوثة للبيئة المحيطة بها ،الا ان ما يثير القلق هو المخلفات النافلة للعدوى بشكل اكبر في ظل واقع انتشار اوبئة وامراض وكون معظم المستشفيات حاليا هي اماكن لمعالجة وعزل المصابين بأمراض معدية عديدة وفي مقدمتها الكورونا في جميع انحاء العالم بلا استثناء والحمى النزفية في دول افريقيا، فتلك المخلفات الناقلة للعدوى والملوثة بسوائل الجسم والدم وعينات  التشخيص المنبوذة التي تخلفها المختبرات والمشارح ومخلفات المرضى في اجنحة العزل والمعدات المستخدمة في تلك الاماكن كالممسحة والضمادات والمعدات الطبية النبيذة ذات الاستخدام الاوحد او المخلفات الباثولوجية والاجزاء المتخلفة عن الانسجة والاعضاء البشرية او الحيوانية في المختبرات العلمية والمواد الكيميائية التي تستعمل في التركيبات المختبرية كالمذيبات والمواد المطهرة او الزئبق الموجود في مقاييس الحرارة المكسورة والبطاريات، والنفايات المسرطنة المستخدمة لعلاج الامراض السرطانية وما تشتمل عليه من مواد مشعة تستخدم لاغراض التشخيص او العلاج والتي تعد المستشفيات وغيرها من المرافق الصحية من مختبرات ومراكز بحثية ومشارح ودور رعاية المسنين والتي تقدر بمقدار (0.5) كلغ لكل سرير علاجي في البدان مرتفعة الدخل في حين تقدر النسبة بمقدار (0.2) كلغ لكل سرير في البلدان منخفضة الدخل والتي لا يتم التمييز فيعا في معظم الاحيان بين المخلفات الخطرة وغير الخطرة بما يعني ان الكمية اكبر بكثير من المعدل المتوقع وهو ما يرفع الاخطار الناتجة عنها ولا سيما ان تلك المخلفات تمثل خطرا صحيا حقيقيا اذ انها تحتوي على كائنات مجهرية قد تكون مضرة ناقلة للعدوى للمرضى الراقدين في المستشفيات والعاملين الصحيين فيها وعامة الناس لكونها قد تكون سببا لانتشار كائنات مقاومة للأدوية، اضف الى ذلك ان تلك المواد لها القدرة على قتل الخلايا البشرية او احداث تشوه بها سواء كان ذلك عبر استنشاقها او ملامستها للجلد او ابتلاع مواد مغذية ملوثة بها مما يؤثر على مقدرة الخلايا في تكوين خلايا سرطانية وطفرات غريبة، اضف الى ذلك احتمال التعرض للوخز بالأدوات الطبية الحادة عند عدم التخلص منها بالشكل السليم  لتكون النتيجة التعرض للتسمم والتلوث بسببها، او التلوث والتسمم الذي تتعرض له مياه الصرف الصحي، اضف الى ذلك انه قد تنشأ اخطار اضافية ناتجة عن تنظيف مواقع التخلص من المخلفات اثناء الفرز اليدوي للمخلفات الخطرة في المرافق الصحية والتي تشيع في العديد من دول العالم ولا سيما في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل اذ يتعرض القائمون على تلك المهمة للجرح او للمواد السامة او الناقلة للعدوى، اذ بين تقييم مشترك بين منظمة الصحة العالمية واليونيسيف الى ان (58%) من المرافق الصحية التي اخذت منها العينات في 24 بلدا تمتلك نظما ملائمة للتخلص الامن من تلك المخلفات في حين تفتقر باقي المؤسسات للتخلص الامن من تلك المخلفات اذ ان معالجة تلك المخلفات بشكل غير امن هو اطلاق لمخاطر صحية غير مباشرة عبر اطلاق مسببات الامراض والملوثات السامة في البيئة بسبب عدم الوعي بالأخطار الصحية المتعلقة بوسيلة التخلص من تلك المخلفات فأطلاقها مباشرة في مياه الصرف الصحي دون المعالجة الازمة يؤدي لتلوث واسع الانتشار كما ان عملية حرقها بنحو غير ملائم يمكن ان يولد مواد مسرطنة او انتشار الفلزات السامة في البيئة وخصوصا الرصاص والزئبق والكادميوم بسبب حرقها واطلاق بقايا الرماد في الهواء في حين تعمل المحارق الحديثة عند درجات حرارة تتراوح بين (850 - 1100) درجة سيليزية ومزودة بمعدات خاصة للتخلص من الغازات تمثل المعايير الدولية الخاصة بانبعاث الفيورانات والديوكسينات، اضف الى ذلك توجد الان بدائل للحرق كالمعقمات عالية الضغط والمعالجة البخارية المتكاملة مع المزج الداخلي والمعالجة الكيميائية، لذا فان انعدام الوعي بالأخطار الصحية الناجمة عن تلك المخلفات والتدريب غير الملائم لإدارتها بشكل سليم والتخلص منها يعد من اكثر المشاكل الشائعة ولا سيما ان هناك العديد من الدول لا تمتلك لوائح اساسية او مناسبة لإدارة الموضوع وهو ما يتطلب زيادة الاهتمام في تلافي تلك الممارسات الخاطئة في ادارة تلك المخلفات   عبر بناء نظام شامل عبر تحديد المسؤولية عن ادارة تلك المخلفات وتخصيص الموارد اللازمة لذلك مع نشر الوعي بمخاطرها وانتقاء الخيارات الامنة للبيئة عند معالجتها والتخلص منها، وقد عمدت منظمة الصحة العالمية لوضع وثيقة ارشادية تحت عنوان: (الادارة المأمونة لمخلفات انشطة الرعاية الصحية) والتي تتناول الاطار التنظيمي ومسائل التخطيط للحد من تلك المخلفات لأدنى مستوى ممكن واعادة تدويرها، وفي ظل ازمة انتشار جائحة فيروس (كوفيد – 19) باتت العديد من المؤسسات الصحية في الدول المتقدمة تلجأ لإعادة استعمال المستلزمات الطبية بسبب شحتها وصعوبة الحصول عليها كما هو الحال في الكمامات والنظارات الطبية ووسائل الوقائية عند التعامل مع المصابين او المشتبه بإصابتهم بالفيروس عبر اللجوء للتعقيم الكيميائي عبر معالجة الاسطح الملامسة للسطوح الخارجية عبر اضافة مواد تخمد او تقتل الفيروسات والجراثيم الموجودة في تلك المخلفات الصحية او المعالجة بواسطة انظمة المعالجة الحرارية الرطبة (البخار) والتي تتميز بكلفتها المنخفضة وانعدام تأثيره الضار للبيئة ،اضف لذلك يوجد التعقيم بواسطة الموجات المايكروية او الطمر والذي لا يجب ان لا يتم قبل معالجة تلك المخلفات بصورة مسبقة واقتصاره على النفايات غير الخطرة مع فرض نوع من الرقابة الادارية عليها وهو ما يظهر المسؤولية الفردية والجماعية في حفظ البيئة واتباع التعليمات الواجب اتباعها في عملية التخلص من المخلفات الصحية وتوجيه المجتمع بكافة فئاته بضبط سلوكياته في حماية الصحة العامة والبيئة لما تمثله من خطورة تمتد دور ان ينحصر تأثيرها بحيز معين او نتيجة معينة بما يمثل اعتداء على الحق العام والخاص على حد سواء وهو ما يوجب بتشديد العقوبة على من يخالف تعليمات التخلص من تلك المخلفات وايقاع اقصى العقوبات على منتهكي تلك التعليمات والأنظمة المنظمة لألية التخلص منها.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع