القائمة الرئيسية

الصفحات

السياسة المالية في العراق وأثرها في الموازنة العامة للدولة الدكتور حيدر الكعبي معهد العلمين للدراسات العليا



السياسة المالية في العراق وأثرها في الموازنة العامة للدولة
الدكتور حيدر الكعبي
معهد العلمين للدراسات العليا



السياسة المالية في العراق وأثرها في الموازنة العامة للدولة
الدكتور حيدر الكعبي معهد العلمين للدراسات العليا

     تعرف السياسة المالية بأنها برنامج تخططه الدولة وتنفذه مستخدمة فيه مصادرها الإيرادية  وبرامجها الانفاقية لإحداث آثار مرغوبة وتجنب آثار غير مرغوب فيها على  متغيرات النشاط الاقتصادي والاجتماعي والسياسي كافة, تحقيقاً لأهداف المجتمع، وتختلف السياسة المالية عن السياسة النقدية في ان نطاق عمل كل منهما ليس واحد فمجال تأثير السياسية النقدية تتجلى في سوق النقد وإن أدواتها تتمثل في الإصدار النقدي الجديد وسياسة السوق المفتوحة وسياسة سعر الخصم وسياسة الاحتياطي النقدي, أما مجال تأثير السياسة المالية فيكون في سوق الإنتاج وان أدواتها تتمثل في حجم الانفاق وإعادة توزيع الدخول وتحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق العدالة الضريبية والحد من البطالة ورفع مستوى المعيشة ورفع الحظ الأدنى للأجور وتشجيع القطاع الخاص وتنمية القطاعات والمناطق على  وفق خطط مدروسة وتحديد مصادر تمويلها, وتعد الموازنة العامة إحدى أهم الأدوات التي تستخدمها الدولة في رسم وتنفيذ السياسة المالية للدولة التي تعبر فيها عن برنامجها الذي عادة ما يكون سنة واحدة من خلال النفقات والايرادات التي تحددها في الموازنة العامة للدولة, ولكن ما لاحظناه في شكل السياسة المالية في العراق عدم وجود سياسة مالية محددة وفق برامج وخطط واضحة من خلال متابعة جميع الموازنات التي أعدت لم نجد سياسة ماليه تركز على أهداف وبرامج وفق ما فصلناه في بداية الحديث عن أهداف السياسة المالية إذ نجد أن الموازنة تعتمد بشكل يكاد ان يصل إلى ٩٨% على النفط كمورد رئيس للإيرادات مما جعلها عرضة للتغيرات نتيجة تقلبات الأسعار مما جعل الموازنة تعاني من عجز في ازدياد سنة بعد أخرى ليصل إلى أكثر من ٢٠% في حين يصل الإنفاق الفعلي دائماً الى ٧٠% أو أكثر واقل من ٣٠% لاستثمار والتنمية ولكن عدم وجود حالة اليقين في تحقيق الإيراد المالي جعل من حالة تحقق العجز في الموازنة أمراً وارداً وهو أمر خطير لا سيما أن تقرير صندوق النقد الدولي لسنة ٢٠١٢ بين ان الحد المسموح به والامن لعجز الموازنة الى  FDP  هي ٣% وفق اتفاقية ماسترخت فلم يكن من الجهات المسؤولة في العراق من السلطة التنفيذية أو التشريعية ان تنتبه الى خطورة هذا الوضع في العجز الدائم في الموازنة ووضع الحلول وفق سياسة مالية واضحة تهدف إلى تنويع مصادر الإيراد وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية فاكثر  الدول النفطية حررت موازناتها من الاعتماد على النفط كمصدر وحيد في رسم السياسة المالية الإيرادية مثلاً قطر في عام ٢٠٠٤ كانت الإيرادات النفطية تشكل ٦٠% من إجمالي الايرادات العامة إلا أنه في عام ٢٠٠٨ انخفضت إلى ٤٤% والسبب في ذلك الاعتماد على مصادر أخرى في التمويل اما الإمارات انخفضت النسبة في نفس المدة من ٧٧% الى ٦٩% لاعتماد الدولة على الإيرادات الضريبية وقطاع السياحة في تمويل الموازنة العامة .
والايرادات العامة من المؤشرات المهمة, التي يمكن من خلالها معرفة مستوى تطور السياسة المالية للدولة وهذا ما نجده في العراق من عدم وجود سياسة مالية لعدم تنوع الإيرادات العامة غير النفطية, لذا فإن من الضروري تفعيل الإيرادات غير النفطية في العراق كضرورة استراتيجية لمواجهة الأزمة المالية التي تمر بها الدولة بسبب الانهيار الكبير في أسعار النفط من خلال بناء سياسة مالية إيرادي متوازنة تبتعد تدريجياً عن الاعتماد على الإيراد النفطي من خلال التركيز على تنمية الإيرادات البديلة لتمويل الموازنة للدولة من مصادر الضرائب  والرسوم والايرادات من المؤسسات والقطاعات العامة المختلفة والتحول إلى نظام الخصخصة بشكل تدريجي ومدروس والالتزام الصارم بمبدأ تخصيص الإيرادات النفطية لأغراض التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع