القائمة الرئيسية

الصفحات

الاستخدام الباثولوجي للأنترنت بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا



الاستخدام الباثولوجي للأنترنت
بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا


الاستخدام الباثولوجي للأنترنت
بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا

     اصبح اللجوء لاستخدام الاجهزة الالكترونية مشكلة اجتماعية تتسبب في تدمير الحياة لما ينتج عنها من مضاعفات عصبية واضطرابات نفسية ومشاكل اجتماعية اذ يعد ادمان الانترنت تهديدا كبير للصحة العامة ولا سيما ان قضاء ساعات كبيرة على الانترنت بتصفح او العاب بنشاطات غير متعلقة بالتكنلوجيا او تطوير الذات امر يرافقه تغيرات عدة في الحالة المزاجية والانشغال بالأنترنت وعدم القدرة على التحكم بمقدار الوقت الذي تستغرقه عملية التواصل مع التكنلوجيا الرقمية او الحاجة الى قضاء مزيد من الوقت للبقاء متصلا بالأنترنت او للعب لعبة جديدة للوصول للراحة النفسية او الاستقرار النفسي والابتعاد عن الانخراط في نشاطات الاسرة والحياة الاجتماعية التي تضمحل تدريجيا لتكون نتيجة ذلك عارض سلبي للإصابة بالقلق والاكتئاب اذ يعد ادمان الانترنت اهم مسبب لاضطراب التحكم في الاندفاع والذي يشخص على انه اضطراب دماغي مزمن ولا سيما انه اعلن رسميا من قبل الجمعية الامريكية للطب ان الادمان لا يقتصر على تعاطي المخدرات سواء كانت كيميائية او سلوكية اذ عرفته بانه: (اضطراب يظهر حاجة سيكولوجية قسرية نتيجة عدم الاشباع من استخدام الانترنت والمصاب بهذا الاضطراب يعاني من اعراض عديدة) ليكون الادمان اضافة لذلك هو الاستخدام القهري وفقدان السيطرة على تعديل المزاج والانسحاب والاستمرار على استخدام الانترنت  على الرغم من العواقب السلبية المرافقة لاستخدامه وهو ما تم طرحه كمشكلة منذ عام 1996 من قبل الدكتور يونغ اذ بين انه من الممكن العثور على اشكالية ادمان استخدام النت والكومبيوتر والاستعمال القهري لهما كعارض مرضي والتي تظهر عوارضه الانشغال بالأنترنت بنشاط سابق وتوقع نشاط قادم مع الحاجة لاستخدام الانترنت لوقت اكثر لتحقيق الرضا النفسي على الرغم من بذل جهود فاشلة للتحكم في استخدامه والحد منه او ايقافه مع البقاء لفترات طويلة على الانترنت اكثر من الفترة المقصودة اصلا لتشير الاحصائيات التي اتخذت عينة مؤلفة من (18000) مستخدم انه في الولايات المتحدة لوحدها تتراوح نسبة مدمني الانترنت ما بين (1.5- 8.2)%  من عملاء الانترنت وهي معدلات تثير القلق  في حين تشير المعدلات في اوروبا الى نسب تتراوح ما بين ( 6-18.5)% وعلى الرغم من ان معايير التقييم والتشخيص المستخدمة تتباين بين الدول اذ غالبا ما تشمل الدراسات عينات انتقائية للاستقصاء الا ان بعض الاختلافات ترجع للعوامل الثقافية وادوات التقييم والتي تشكل الاساس لتلك المعدلات فالنماذج المتاحة لاستخدام الانترنت كنظام عدم الكشف عن الهوية والبحث عن الراحة والشعور بالراحة لاستخدام التكنلوجيا لأنها تمنح مدمنيها التحفيز عندما يشعرون بالاكتئاب لتكون وسيلة للانعزال وخلق عالم خاص بهم، فالإدمان كمعنى لغوي يعني المداومة على الشيء والاعتماد عليه اما اصطلاحا فيظهر الخلط بينه وبين سوء الاستعمال وهو ما يتوافق ما متعارف عليه في علوم التحليل النفسي والتي تعد الادمان بانه المداومة على تعاطي مواد معينة او القيام بنشاط معين لمدة طويلة بقصد الوصول لحالة النشوة واستبعاد الحزن والاكتئاب اما منظمة الصحة العالمية فقد عرفته عام 1973 بانه: (حالة نفسية وعضوية تنتج عن تفاعل الكائن الحي مع العقار او المادة ومن خصائصها استجابات وانماط سلوك مختلفة تشمل دائما الرغبة الملحة على التعاطي او الممارسة بصورة متصلة او دورية للشعور بأثاره النفسية او لتجنب الاثار المزعجة التي تنتج عن عدم توفره وقد يدمن الشخص على اكثر من مادة) لذلك يكون السلوك صفة بارزة عندما يصبح هذا السلوك اهم الانشطة واكثرها قيمة في حياة الفرد ليسيطر على تفكيره ومشاعره ويكون شغله الشاغل والشعور باللهفة لممارسة ذلك السلوك وهو ما يتزامن مع تغيرات في المزاج كنتيجة للقيام بذلك السلوك والتي يمكن ملاحظتها في الاثار المترتبة على افتقادها والتي قد تكون مصحوبة بتحمل صاحبها لذلك او لا، اذ يزداد مقدار النشاط او السلوك المضطرب للحصول على نفس الاثر الذي يمكن الحصول عليه بمقدار اقل كنتيجة لممارسة سلوك اخر حتى يشعر بالانتعاش لتكون الاعراض الانسحابية المتمثلة بالشعور بعدم الراحة او فقدان الاحساس بالسعادة عند الانقطاع عن النشاط او الاقلال منه فجأة ليثير ذلك الصراع بين المدمن والمحيطين به لميله للعودة مرة اخرى للأنشطة التي كان يدمنها فالتجربة الاولى  لمسبب الادمان تحدث بدافع الفضول وحب الاستطلاع او التقليد او اثبات الذات دون قصد الادمان او دون العلم بانها تسبب مشاكل الادمان فيما بعد لتكون مرحلة التجربة هي البداية لاحتمال حدوث الادمان عبر ما تتركه من اثار على الجهاز العصبي فان احدثت له السعادة فانه سيعمد لتكرارها مرة اخرى حتى يعتاد عليها ويصبح مدمنا عليها، اما ان احدثت اثرا سيئا فسيعمد لتكرارها مع نوع اخر، ويعزى العلماء الادمان وتأثيره على الدماغ لدور (الدوبامين) في هذه العملية وهو مادة موجودة في المخ ترتبط بالشعور بالمتعة والابتهاج اذ ترتفع نسبتها ليس بسبب تناول الكحول او تعاطي المخدرات فقط بل من المديح او حتى التسوق لذلك عندما ترتفع نسبته تزداد الرغبة للحصول على المزيد وهو ما يفسر حالة الفرد عند توقف ادمانه اذ نجده يعاني من اختلال حاد واعراض مرضية تختلف باختلاف طبيعة الادمان، اما في حالة الادمان على الانترنت فان الشخص يعد مدمنا على الانترنت اذا ما استخدم الشبكة بشكل زائد عن الحد على الرغم من الانترنت ميزة للحياة الحديثة الا ان الدراسات الحديثة اثبتت بان هذا النوع من الادمان اصبح واقعا عكف الاطباء النفسيون للبحث عنها اذ وفق استطلاع اجرته جامعة (ستانفورد) حددت الاستخدام المقبول للأنترنت بثلاث ساعات ونصف يوميا لذلك يعد ادمانا زيادة عدد الساعات امام الكومبيوتر بشكل يتجاوز الفترات التي يمكن قضائها دون التعرض للإدمان وهو ما يقابله سهولة وبساطة الخدمات التي تسمح بتكوين علاقات اجتماعية وتبادل الآراء مع اصدقاء النت والانشطة التي يمكن القيام بها عبر شاشة الكومبيوتر لتعد تلك المجتمعات الافتراضية وسيلة للهرب من الواقع ولا سيما للشخصيات المكتئبة والقلقة والتي تعاني من الفراغ والملل لتوفر وسائل الدردشة وسيلة للتخلص من القيود المجتمعية الصارمة وتفريغ شحنات الغضب والكبت والعدوانية ليصبح الانترنت الملاذ الامن لما يعتري النفس من شعور مكبوت وهو ما يتبعه عددا من المشكلات الصحية والتي منها ضعف الجهاز المناعي او الام العمود الفقري بسبب الجلوس الطويل امام شاشات الكومبيوتر او احتمال الاصابة بما يسمى تناذر النفق الرسغي اضافة لركود الدورة الدموية مما يتسبب بحدوث جلطات دماغية وقلبية وضعف اداء الاجهزة الحيوية بالجسم كما ان التعرض للأشعة المنبعثة من جهاز الكومبيوتر يؤدي لزيادة توتر القشرة المخية وهو ما يتبعه قلة الانتباه ونقص التمييز ووجود استجابات لارتفاع ضغط الدم واحلام اليقظة، ليكون الحل بنشر الوعي لاستخدام الانترنت عبر تنظيم ساعات العمل او الترفيه باستخدام الانترنت كان تكون ساعتان يوميا حتى لا ننسحب من حياتنا ونقع فريسة للإدمان مع متابعة استخدام الاولاد للنت من حيث الفترة والمضمون واستخدام بعض البرامج لمنع دخولهم للمواقع التي تمثل تربة خصبة للإدمان، اما عن العلاج فقد ظهرت منذ عام 1996 في مشفى ما كلين بجامعة هارفرد عيادات نفسية لعلاج الادمان والتي تقدم خدماتها الارشادية والعلاجية عبر تعويد المدمن على كبح جماح نفسه وممارسة الرياضة والتواصل مع الاهل بدل تصفح النت مع تحديد وقت الدخول للشبكة كان يكون ساعة واحدة والعمل على التكاتف الاسري بزيادة الحوار في اطار الاحترام  المتبادل لاحتواء الفرد وحمايته من الوقوع في براثن الادمان. 
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع