القائمة الرئيسية

الصفحات

الانتهاكات التركية ونطاق السيادة في القانون الدولي العام د. ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا

 

 

الانتهاكات التركية ونطاق السيادة في القانون الدولي العام

د. ايناس عبد الهادي الربيعي

معهد العلمين للدراسات العليا

 

 

الانتهاكات التركية ونطاق السيادة في القانون الدولي العام

د. ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا

 

    بات مبدأ السيادة من المبادئ المسلم بها في القانون الدولي العام  ومعيار رئيسي في النظام الدولي، فالسيادة كمفهوم قانوني وسياسي قديم قدم نشوء الدول الا انها بمعناها الحديث تعود للقرن الخامس عشر خلال الصراع الذي خاضته فرنسا الملكية آنذاك ضد الامبراطور والبابا لتحقيق استقرارها الخارجي وتحقيق تفوقها داخليا على امراء الاقطاع وكان من ابرز الفقهاء والمفكرين الفرنسيين المدافعين عن السيادة كفكرة المفكر الفرنسي (جان بودان) في كتابه (ستة كتب عن الجمهورية) عام 1576 م والتي اخرج فيها فكرة السيادة من نطاق اللاهوت وهو ما يعني امكانية تناولها بالتحليل والدراسة لتدرج ضمن النظريات الدستورية وجعلها من عناصر تكوين الدولة ليكون كمفهوم حديث احد اهم اركان الدول الحديثة، لتكون السيادة صفة للسلطة الى جانب الاقليم والسكان فلا تكتمل شخصية الدولة الا بتوافر اركانها الثلاث لتكون السيادة من اهم خصائص الدولة الحديثة ولا تكتمل الشخصية القانونية للدولة الا بأركانها الثلاث ، وللسيادة مظهران خارجي يتمثل في سلطة الدولة باستقلال الدولة بعدم الخضوع لأية دولة او سلطة اجنبية لتكون لها السلطة العليا على حدودها بما يؤمن استقلالها الكامل في مواجهة الدول بما يضعها على قدم المساواة مع الدول الاخرى ، اما على الصعيد الداخلي فتتمثل سيادتها بفرض ارادتها على كل ما يقع داخل حدودها من افراد وهيئات وتنظيم شؤونها ومباشرة كل الاختصاصات التي تتصل بوجودها  كدولة مستقلة.

     الا ان ذلك لا يعني عدم مسؤولية الدولة عن اعمالها والا كنا امام اهدار لقواعد القانون الدولي وتهديد ذلك الكيان بما يحتويه .فانتهاك حرمة القانون والاعتداء على حقوق الغير لا يمكن ان يمر دون حساب.

   فاستعمال القوة في نطاق العلاقات الدولية امر يستتبع المسؤولية وما ينتج عنها من التزام بالتعويض وهو ما تأكد بالعديد من القواعد الدولية والتي منها المادة الثالثة من اتفاقية لاهاي الرابعة لسنة 1907 الخاصة بقواعد الحرب البرية والتي تنص على: (الدولة التي تخل بأحكام هذه الاتفاقية تلتزم بالتعويض ان كان لذلك محل وهي تكون مسؤولة عن كل الافعال التي تقع منهم اي فرد من افراد قواتها المسلحة) وهو ما تأكد بحكم محكمة العدل الدائمة في عام 1927 بالقول: (من مبادئ القانون الدولي ان كل اخلال يقع من دولة بأحد تعهداتها يستتبع التزامها بالتعويض الملائم وان هذا التعويض امر متلازم مع عدم القيام بالتعهد والالتزام به قائم من نفسه دون حاجة الى ان يكون منصوصا عليه في الاتفاق الذي يحصل الاخلال به) وهو ما عاد ليتأكد مجددا عن طريق لجنة القانون الدولي في مشروعها عن المسؤولية الدولية عن الاضرار التي تصيب الاجانب على اقليمها في المادة الاولى منه والتي تنص على: (كل عمل غير مشروع دوليا يصدر عن الدولة يرتب عليها المسؤولية الدولية ،فلا يجوز للدول ان تحتج بنصوص قانونها الداخلي لكي تفلت من المسؤولية الناتجة عن الاخلال بالتزام دولي او تنفيذه).

    لذا فان ترتب المسؤولية على اشخاص القانون لدولي بسبب ما تمسه سلوكياتهم من حقوق ومصالح غيرهم من اشخاص القانون الدولي يلزمهم بإصلاح الضرر الناتج عن ذلك الاخلال بالالتزامات الدولية، وبالعودة لسلوك تركيا في شمال العراق واستهداف شخصيات عسكرية بهجوم بطائرة مسيرة لا يعدو ان يكون انتهاكا صارخا لعلاقات حين الجوار الواجب مراعاتها في العلاقات بين البلدين بما يمثل انتهاكا صارخا لالتزام دولي ليكون فعلها عمل غير مشروع واخلال بمصالح يحميها القانون مضرا بالسيادة العراقية منتهكا لمبادئ حسن الجوار بين البلدين، الا ان ذلك يعيد للأذهان معاهدة لوزان لعام 1923 والتي تعتبرها تركيا المفتاح لخسارة نفوذها واراضي تعدها ملكا لها في العراق وبما في ذلك الموصل التي فشلت تركيا في الاحتفاظ بها بعد الاحتلال البريطاني للعراق ليكون مصير العلاقات بين البلدين بعد عام 2003 سفرا من التوترات الناتجة من التدخلات التركية في الشأن العراقي والذي جوبه بالرفض والاستنكار من الجانب العراقي لمرات عدة فتركيا تستغل قضية حزب  العمال الكردستاني كذريعة للتدخل في شؤون العراق وتحقيق مساعيها في هذا البلد لذا فان مستقبل العلاقات بين البلدين يواجه انعطافه حرجة اذا لم يتم الالتزام بالاتفاقيات بين البلدين وتطويرها بما يحقق الاستقرار والامن في المنطقة.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع