القائمة الرئيسية

الصفحات

فيروس كورونا والتغيرات البيئية بين الايجابية والسلبية د. ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا

 

 

فيروس كورونا والتغيرات البيئية بين الايجابية والسلبية

د. ايناس عبد الهادي الربيعي

معهد العلمين للدراسات العليا

 


فيروس كورونا والتغيرات البيئية بين الايجابية والسلبية

د. ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا

 

    كان لانتشار فيروس كورونا تأثير على عدة جوانب حول العالم ادت لتغيرات عدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وكذلك البيئة الا انه مما يؤسف له لم تكن جميعها ايجابية ، فقضية تغير المناخ كانت من القضايا المطروحة قبل تفشي الجائحة ففي ظل توقف معظم العمليات الصناعية على مدار العالم تراجعت نسب تراكيز غاز ثاني اوكسيد النتروجين الذي ينبعث من عوادم السيارات وغازات المصانع كغاز سام واحد اكبر مسببات التلوث حول العالم ، اضافة لذلك فقد انخفضت نسبة انبعاثات غاز ثاني اوكسيد الكاربون هي الاخرى في الهواء بفضل توقف معظم الانشطة الاقتصادية بشكل واسع حول العالم وهو ما يماثل ما حصل خلال عام 2008 خلال الازمة المالية العالمية ، ففي الصين لوحدها انخفضت تلك النسبة بمعدل (25%) وان كان ذلك قد استمر لفترة قصيرة لتعاود مستوياته بالارتفاع مجددا بعد عودة النشاط الاقتصادي وتخفيف او رفع قيود الاغلاق التي سادت بداية الازمة وعلى الرغم من ذلك التحسن يستبعد العلماء بقاء ذلك الانخفاض لتتسبب الجائحة بتأخير القرارات المهمة المتعلقة بالبيئة والتي منها تأجيل مؤتمر الامم المتحدة للتغير المناخي للعام القادم، في ظل محاولة الدول المتقدمة وفي صدارتها الصين العودة لمعدلات النمو السابقة وسط الحروب التجارية وتعطل سلسلة التوريد في سوق الطاقة وهو ما سيؤدي لتفاقم الاثر البيئي وهو ما تأكد بملاحظات وكالة الفضاء الاوربية ووكالة ناسا التي تستخدم أداة رصد الاوزون (OMI) لتحليل ومراقبة طبقة الاوزون والملوثات الاخرى كثاني اوكسيد الكاربون وثاني اوكسيد النتروجين والهباء الجوي وغيرها من الملوثات ،اما بما يتعلق بالحياة البرية للمناطق القريبة من المدن نجد ان المجال بات مفتوحا بسبب قلة الحركة المرورية ليكون ذلك بإنقاذ حياة من استيقظ من سباته الشتوي مع بداية الازمة كالقنافذ ولم يقتصر الامر على ذلك بل كان الفيروس السبب الرئيسي في انخفاض معدل التجارة بالحيوانات البرية في كافة انحاء العالم ولا سيما ان العلماء يرجحون نشوء الفيروس بإحدى الاسواق  المختصة بالمتاجرة بالحيوانات البرية في مدينة ووهان الصينية والتي تعد محورا للتجارة المشروعة وغير المشرعة لهذه الحيوانات فقد منح الاغلاق واجراءات الحظر الفرصة لان تنقذ الانظمة البيئية ما لا يقل عن (77000)كائن حي فقد انخفض الطلب على الاسماك الامر الذي اثار توقعات بزيادة كتلتها الحيوية بسبب تراجع الصيد وهو ما يظهر علامات التعافي للكائنات المائية، اما بما يتعلق بالمياه فمنذ اعلان الاغلاق في ايطاليا انتشرت صور تظهر القنوات المائية في مدينة البندقية نقية دون شوائب وهو ما يعزى لقلة حركة المراكب السياحية التي تسهم في اثارة الشوائب في المياه تحتها ، اما النقل البحري فقد منح ذلك الكائنات البحرية ولا سيما الحيتان الفرصة لتنعم بالهدوء.

   هذه الايجابيات اما عن السلبيات فقد تسببت الجائحة بزيادة المخلفات البلاستيكية بشكل كبير ولا سيما القفازات الطبية وعبوات المياه واتجاه الناس للمواد الغذائية المعلبة والمغلفة مما زاد العبء على الطبيعة من زيادة تلك المخلفات ، اضف الى ذلك بان انتشار الفيروس ادى للتغطية على عملية ازالة الغابات اذ اظهرت صور الاقمار الصناعية زيادة في ازالة الغابات المطيرة في الامازون بنسبة تزيد (50%) مقارنة بمستويات الخط القاعدي ،لذلك وفي ظل الاثار المزدوجة للجائحة بات الخبراء والمهتمون بالشأن البيئي يؤكدون بان الحفاظ على المكتسبات البيئية التي افرزتها الجائحة هي مسالة في غاية الاهمية والتعقيد على حد سواء نظرا لما يرافق ذلك من رهانات وتحديات مطروحة على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فالشركات الرأسمالية لا بد وان تضغط لإعادة الاستهلاك لمستوياته المعتادة برفع وتيرة الانتاج لانعاش المؤسسات الاقتصادية بما يدفع لاستنزاف الموارد الطبيعية ليكون ذلك مجال جديد للتنافس بين حماة البيئة والرأسماليين ليكون ذلك التحدي الاكبر بما يحمله من عوائق هو الفاصل بين يهتم بنهاية العالم ومن يهتم بنهاية الشهر والتي لن تحل الا بالتغلب على الانانية الاقتصادية واستخلاص الدروس من تلك الازمة لحفظ التوازنات الايكلوجية والحد من التلوث .

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع