القائمة الرئيسية

الصفحات

الازمات المالية واقتصاديات العالم الحديث العراق وسلسلة الازمات د. ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا

 

 

الازمات المالية واقتصاديات العالم الحديث العراق وسلسلة الازمات

د. ايناس عبد الهادي الربيعي

معهد العلمين للدراسات العليا

 


الازمات المالية واقتصاديات العالم الحديث العراق وسلسلة الازمات

د. ايناس عبد الهادي الربيعي

 

     لم تكن الازمات الاقتصادية بالحديثة فأسوء وأصعب الازمات رافقت العصر الحديث فأزمة الرهن العقاري التي كانت بسبب توريق الديون او اعطاء القروض بلا ضمان ونقص الرقابة على اسواق الاوراق المالية والتي بدأت من اسواق الولايات المتحدة ومن ثم انتشرت لباقي الاسواق العالمية مخلفة اثار وتداعيات على معظم اقتصاديات دول العالم لتاتي ازمة الزباء لتلقي هي الاخرى بتأثيراتها الكارثية على شتى مفاصل الاقتصاد العالمي لتنهار المؤسسات المالية وتتراجع معدلات النمو العالمي لتتحرك جميع الدول لوضع حد لامتداد تلك الازمة واحتوائها عبر حزمة من الاجراءات والتدابير وان تباينت في كيفيتها ووسيلتها الا ان العامل المشترك بينها هو انها جميعا تهدف للحد من اثار الازمة وتداعياتها ،ولم يكن الاقتصاد العراقي بمنائ عن تلك التأثيرات ، وللوقوف على ذلك نعرج لبيان مفهوم الازمة والتي تعد حالة من الصعوبة المفاجئة المعطلة لسير العمل والمربكة للخطط والاستراتيجيات الموضوعة والية تنفيذها مما يؤدي لاستنفار الجهود بشكل تام وكامل للتخفيف منها والحد من اثارها السلبية فهي كموقف معقد ومتشابك يهدد القيم والاهداف والمصالح الوطنية والامنية والشرعية الدستورية الامر الذي يتطلب سرعة التدخل لمواجهة تأثيراتها المختلفة المتوقع منها وغير المتوقع وهو ما يضع الامور في موقف معقد ومتشابك بدرجة عالية من المخاطرة التي تزداد بتزايد تداعيات الازمة متفاعلا مع انعكاساتها المستقبلية ولا سيما ان اثارها سلبية في معظم الاحيان بتغيرات داخلية و محلية فهذه الذبذبات تؤثر او جزئيا على مجمل المتغيرات المالية وبالتالي على الاقتصاد ككل وتتباين  تلك الازمات بأنواعها  فمنها ذات منشأ مصرفي بسبب زيادة الطلب على سحب الودائع او ازمات تتحقق بسبب  فقدان الاحتياطيات الاجنبية للدولة مما يؤثر سلبا على اسعار الصرف مما يؤثر على العملة في مهمتها كوسيط للتعامل المالي في الاسواق ، واحد انواع الازمات توقف المقترض عن سداد ديونه مما ينعكس سلبا على تقديم قروض جديدة للرغبة بتصفية القروض القائمة وهو ما قد يرتبط بدين تجاري او سيادي ، اما في العراق فنجد ان الازمة شاملة تشمل ازمة سيولة وتوقف عن الوفاء بالالتزامات وارتفاع اسعار الاصول بشكل غير طبيعي بسبب المضاربات ومن ثم لجوء التجار للبيع بسعر معين مما يدفع لانخفاض بالأسعار يفاقم من المشكلة مما يظهر سلوكا غير سوي من جانب المتعاملين في المجال المالي ولا سيما عند لجوئهم لنشر معلومات مظللة دافعهم الحصول على المزيد من الارباح والفوائد وليس الاستثمار الحقيقي وهو ما يجعل الازمة تصطبغ بصبغة اخلاقية واجتماعية في ان واحد فخسارة البنوك لأموالها وتدهور حسابات ميزانياتها يجعلها غير قادرة على جمع التمويل اللازم لإدارة تعاملاتها المالية  في ظل انتشار المضاربات الوهمية عبر الانترنت والتي طغت على التعاملات الحقيقية سعيا وراء الربح السريع ، ليتعرض الاقتصاد العراقي لتحديات خطيرة في ظل ضعف التنمية الاقتصادية وانخفاض اسعار النفط وتزايد الديون الداخلية والخارجية وعجز واضح في الميزانية لتكون ازمات العراق سلسلة متواصلة لا نهاية لها انعكاسا لسلوك غير منضبط لمن يتولى السلطة وهو ما يدفع ثمنه الشعب بشكل متواصل دون توفر لحلول منطقية ورؤى تحل تلك الازمة في ظل ادارة سيئة وفوضوية لمقدرات البلد وهو ما يظهر قلة الوعي السياسي لمتقلدي الحكم وهو ما يجعل الازمة سياسية بامتياز فهي ازمة اختلال بنيوي ذات انعكاس تراكمي كان مسببه المحاصصة والتوافقية في تقسيم السلطة مما سبب ضعف الاداء الحكومي ومحاولة التغاضي عن جوهر الازمة لسنين عدة مما ادى لتفاقم الوضع مسببا ضعف الاداء الاداري لضعف الضوابط القانونية ممتدة منذ تشكيل اول حكومي في عام 2003 لتكون عبارة عن مجموعة من الازمات المركبة تعكس ما تعرض له العراق من تحديات وازمات خلال تلك الفترة من الزمن مما يجعلها ازمات شمولية لا تستثني قطاعا بسلسلة من الفشل والتدهور لامس مجالات عدة مما دفع للفشل في أيجاد نظام اقتصادي متطور قادر على النهوض بالبلد واقعا والارتقاء به لمصاف الدول المتطورة وهو ما يكون عادة نتيجة لغلبة الولاء الذي ساد على الكفاءة في تولي المسؤوليات والمناصب القيادية في الدولة  لتكون تكتلات السلطة وصراع الفرقاء هو السائد مولدا ازمات بلا نهاية ومصير مجهول يدخل البلد بنفق مظلم في ظل غياب الدراسات اللازمة لحل الازمة وغياب التخطيط اللازم لذلك في ظل حقيقة مؤكدة بان الاقتصاد العراقي هش لكونه يعتمد على وارداته النفطية مما يجعل تقلبات الاسعار والسياسات النفطية المتبعة من قبل بعض الدول احد اهم الاسباب المؤثرة على الاقتصاد العراقي في ظل غياب التنمية الاقتصادية الحقيقية ليكون مرتعا للازمات العاصفة باقتصاده على مر العصور.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع