القائمة الرئيسية

الصفحات

الدستور العراقي لعام 2005 المعوقات والحلول (ح : 1) بقلم د: سماح مهدي صالح العلياوي

 

 

 

الدستور العراقي لعام 2005 المعوقات والحلول

(ح : 1)

بقلم د: سماح مهدي صالح العلياوي 

 

 

الدستور العراقي لعام 2005 المعوقات والحلول (ح : 1)

بقلم د: سماح مهدي صالح العلياوي

 

تمهيد

يُعتبر الدستور الوثيقة القانونيّة والسِّياسيَّة الأسمى في الدَّولة، أو الإطار العام الّذي يُحدِّد نظام الدَّولة، وينظِّم عمل السُّلطات فيها، ويكفل حقوق الأفراد والجماعات، ويُجسِّد تطلّعات الشَّعب، وبشكل عام فإن للدستور أهداف أساسيَّة، وهي: تحديد الحقوق الأساسيَّة للأفراد، وتنظيم السُّلطة؛ بمعنى تنظيم كيفية ممارسة السُّلطة العامة بما يتضمن من نظام الفصل بين السُّلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، من جهة، وإقامة الحدود بين ممارسة السُّلطة العامة والحريات الفردية واستقلالية المجتمع المدني، من جهة أخرى ، بغية ضمان حرية الأفراد في مجتمع مبني على فكرة سيادة الشَّعب، حيث لا يجوز لأيّ فرد أو طبقة أن تخضع بقية أفراد المجتمع لإرادتها الخاصَّة.

إنَّ الدساتير من حيث الشكل هي عرفية أو مكتوبة، ومن ناحية التعديل تكون إمَّا مرِنَة أو جامدة، ومن حيث النفاذ مؤقَّتة أو دائمة، ومن جهة النشأة إمَّا منحة من الحاكم إلى الشَّعب، أو عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم، أو بأسلوب الممارسة الديمقراطية حيث تكون السِّيادة فيها للشَّعب الّذي ينفرد بوضع الدستور عِبرَ جمعية تأسيسيَّة مُنتخبة، أو باستفتاء شعبي دستوري، وينتهي الدستور إمَّا بالطُرُق الرسمية، أو بإطاحته عن طريق الإنقلاب أو الثَّورة.

لقد مرّ العراق خلال تطوُّره الدستوري بأربع فترات دستورية، هي: المرحلة الأولى، العهد العثماني، حيث بدأت بعض التطبيقات الدستورية، والمرحلة الثانية، العهد الملكي، إذ صدر فيه القانون الأساس في عام 1925، والمرحلة الثالث، العهد الجمهوري، حيث بدأت فيه مرحلة جديدة من الدساتير المؤقَّتة خلال أعوام (1958، 1964، 1968، 1970). أمَّا المرحلة الرابعة، فهي بعد دخول القوَّات الأميركية إلى العراق في نيسان/أبريل 2003، حيث فرض الحاكم المدني في العراق "بول بريمر" (Paul Bremer) مسودَّة قانون إدارة الدَّولة للمرحلة الانتقالية على مجلس الحكم الانتقالي، وتضمن هذا القانون مجموعة من الشروط، سُمِّيت بـ"اتِّفاق نقل السُّلطة في تشرين الثاني/نوفمبر 2003، وأهمُّها: التشاور الوثيق بين مجلس الحكم الانتقالي وسلطة التحالف المؤقَّتة، ووضع قانون إدارة الدَّولة للمرحلة الانتقالية، وتبنِّي عملية الدستور الدائم من قِبَل جمعية وطنية مُنتخبة، وتكتسب هذه الشروط أهميتها في تحديد العناصر القانونيّة الأساسيَّة الّتي ينطلق منها المشروع الأساسي في صياغة الدستور العراقي الدائم.

 

 

 

المعوقات الإجرائية

 

لقد أُجريت انتخابات الجمعية الوطنيَّة العراقية في كانون الثاني/يناير 2005، وتمَّ تشكيل حكومة انتقالية في نيسان/أبريل 2005، وأعدَّت الجمعية الوطنيَّة دستوراً تمَّ الاستفتاء عليه في تشرين الأول/أكتوبر 2005، لكنه يتضمن معوقات جوهرية من حيث البناء الدستوري، ولا سيّما أن دستور جمهورية العراق يُعدُّ من الدساتير الجامدة، لأن طريقة تعديله تختلف عن الطريقة الّتي تعدل بها القوانين العادية، وهناك معوقات دستورية للتعديل، أهمُّها:

 

الباب السادس

الأحكام الختامية والانتقالية

الفصل الأول (الأحكام الختامية)

المادة (126)

أولاً: لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين أو لخمس (1/5) أعضاء مجلس النواب، اقتراح تعديل الدستور.

ثانياً: لا يجوز تعديل المبادئ الأساسية الواردة في الباب الأول والحقوق والحريات الواردة في الباب الثاني من الدستور، إلا بعد دورتين انتخابيتين متعاقبتين، وبناء على موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام، ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة أيام.

ثالثاً: لا يجوز تعديل المواد الأخرى غير المنصوص عليها في البند (ثانياً) من هذه المادة إلا بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام، ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة أيام .

رابعاً: لا يجوز اجراء أي تعديل على مواد الدستور من شأنه أن ينتقص من صلاحيات الأقاليم التي لا تكون داخلة ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية الا بموافقة السلطة التشريعية في الإقليم المعني، وموافقة أغلبية سكانه باستفتاء عام.

خامساً:

أ. يعد التعديل مصادقا عليه من قبل رئيس الجمهورية بعد انتهاء المدة المنصوص عليها في البند (ثانياً) و( ثالثاً) من هذه المادة في حالة عدم تصديقه.

ب. يعد التعديل نافذا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

 

 

الفصل الثاني: الأحكام الانتقالية

المادة (142)

أولاً: يشكّل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من أعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسية في المجتمع العراقي مهمتها تقديم تقرير إلى مجلس النواب، خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر، يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن إجراؤها على الدستور. وتحلّ اللجنة بعد البت في مقترحاتها.

ثانياً: تعرض التعديلات المقترحة من قبل اللجنة دفعة واحدة على مجلس النواب للتصويت عليها، وتعد مقرة بموافقة الاغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس.

ثالثاً: تطرح المواد المعدلة من قبل مجلس النواب، وفقا لما ورد في البند (ثانياً) من هذه المادة على الشعب للاستفتاء عليها خلال مدة لا تزيد على شهرين من تاريخ إقرار التعديل في مجلس النواب.

رابعاً: يكون الاستفتاء على المواد المعدلة ناجحاً بموافقة أغلبية المصوتين، وإذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات أو أكثر.

خامساً: يستثنى ما ورد من هذه المادة من احكام المادة (126) المتعلقة بتعديل الدستور، إلى حين الانتهاء من البت في التعديلات المنصوص عليها في هذه المادة .

 

التوضيح

1-    إن تحقيق فكرة الاجماع في القانون هي من الاجراءات التي يصعب تحقيقها، وقد كانت السبب في فشل عصبة الأمم عام 1920، كذلك فشل مجلس الأمن الدَّوْلي في تحقيق السِّلم والأمن الدَّوْليين، وعلى سبيل المثال فشل مجلس الأمن الدَّوْلي في إنهاء الأزمة السورية عام 2011، وبالتالي، فأن الاجماع بين مؤسَّسة الرئاسة ومجلس الوزراء الوارد في المادة (26) البند (أولاً) من الصعوبة تحقيقه، لأن تركيبة المجتمع العراقي، الذي يتكون من مجموعة من الاديان والاعراق والمذاهب، قد تقيد فكرة الاجماع، لا سيّما أن ممارسة العملية السِّياسيَّة قد جعلت من رئاسة الجمهورية  حكراً على الأحزاب الكردية، ومن رئاسة مجلس الوزراء حكراً على الأحزاب الشيعية.

2-    إن المادة (126) البند (رابعاً) فرضت من أجل تعديل أيّ مادة  في الدستور، وخاصة المواد المتعلقة بالأقاليم؛ بمعنى إقليم كوردستان،  والتي لا تكون داخلة ضمن الاختصاصات الحصرية للسُّلطات الاتِّحادية الا بموافقة السُّلطة التشريعية في الإقليم المعني، وموافقة أغلبية سكانه باستفتاء عام، وبناءً عليه، فأن أيّ إقليم منح صلاحيات معينة فأن سلطته التشريعية لا تقبل الانتقاص من صلاحيات إقليمها، وأن أيّ سكان إقليم سوف لن يوافقون على الانتقاص من تلك الصلاحيات.

3-    تم استثناء المادة (142) البند (خامساً) من أحكام المادة (126) المتعلقة بتعديل الدستور إلى حين الانتهاء من البت في التعديلات المنصوص عليها في المادة (142)، وبذلك ازداد الدستور جموداً على جموده، خاصة وأن المادة (142) لم يجر تنفيذها، كما إن قراءة  المادة (142) البند (خامساً) بإمعان تؤكِّد أن واضعي الدستور قصدوا تأجيل تطبيق المادة (126) من الدستور وعدم البدء بأية خطوة للشروع بتعديل الدستور، إلا بعد الانتهاء من تطبيق أحكام المادة (142)، ولهذا التصور أسبابه، فنص المادة (142) البند (خامساً) مرتبك يشوبه الغموض، إذ إن المادة (142) جاءت مطلقة خولت اللجنة التي يشكلها مجلس النواب أن يتضمن تقريرها توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن اجراؤها على الدستور، فمن المحتمل أن يتضمن تقرير اللجنة التعديلات كافة التي يتطلب الدستور اجراؤها، لكن اللجنة تبقى مقيدة بأحكام المادة (126) من الدستور.

4-    إن تشكيل الاتِّحاد الفدرالي هو اتحاد طوعي، وليس ملزم لأيّ دولة، وهو إدارة الشؤون بما لا يخالف الإطار العام، كما إن قرار مجلس الأمن الدَّوْلي حظر الطيران "الملاذ الآمن" المرقَّم (688) في نيسان/أبريل 1991، بحجَّة حماية الأكراد في الشمال من قمع السُّلطة العراقية، أعطى حيزاً للأكراد للحكم الذاتي، وليس الحكم الفدرالي، ثمَّ عاد مجلس الأمن الدَّوْلي ليؤكِّد القرار في أيار/مايو 1992، بحجَّة حماية الشِّيعة في الجنوب، وامتدت منطقة الحظر شمالاً من خطّ العرض (36) وجنوباً حتى خطّ العرض (32)؛ بمعنى أن الشَّيعة في الجنوب كان من باب أولى أن يحصلون على الحكم الذاتي، وكان المفترض أن تتساوى الأمور قبل إعطاء النظام الفدرالي للأكراد، لأن الأزمة الكردية موزعة بين سورية، والعراق، وتركيا، وإيران.

 

المقترحات

1-     لرئيس الجمهورية، أو مجلس الوزراء، أو لخمس (1/5) أعضاء مجلس النواب، اقتراح تعديل الدستور.

2-     تشكل لجنة من ذوي الاختصاص في المواد المراد تعديلها خلال مدة لا تتجاوز الشهرين، وتعرض على الاستفتاء العام من دون استثناء.

3-     إذ حصلت المواد المعدلة على الموافقة من نسبة الاستفتاء تعتبر سارية المفعول.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع