القائمة الرئيسية

الصفحات

قمَّة العلا إعادة التفاهمات العربيَّة في ظل التقارب الخليجي – الإسرائيلي بقلم الدكتور سماح مهدي صالح العلياوي

 

قمَّة العلا

إعادة التفاهمات العربيَّة في ظل التقارب الخليجي – الإسرائيلي

بقلم الدكتور سماح مهدي صالح العلياوي

 

 

تعود فكرة تشكيل مجلس التعاون لدُّوَل الخليج العربيَّة أو كما يعرف بـ"مجلس التعاون الخليجي" (Gulf Cooperation Council) إلى الإستراتيجية الأميركية لهيكلة الحلفاء في الخليج العربي، في ظلّ الصِّراع بين الولايات المتَّحدة والاتِّحاد السُّوفياتي في الشَّرق الأوسط، إذ بعد بوصول الرئيس الأميركي "جيرالد فورد" (Gerald Ford) إلى البيت الأبيض في آب/أغسطس 1974، تمَّ إشعال فتيل الأزمات الإقليميَّة، حيث دفعت المخابرات الأميركية أطرافاً في لبنان إلى حرب أهلية في نيسان/أبريل 1975، كادت أنّ تؤدي إلى إنهاء طابع التعايش، كذلك طُرَح مشروع الحوار العربي الأوروبي في حزيران/يونيو 1975.

وعلى أساس التحركات الأميركية لمواجهة النفوذ السُّوفياتي في منطقة الخليج العربي قام أمير دولة الكويت آنذاك الشيخ "جابر الأحمد الصباح" بزيارة دولة الإمارات العربيَّة المتَّحدة لعقد مباحثات مع الرئيس الإماراتي الشيخ "زايد بن سلطان آل نهيان"  في 16 أيار/مايو 1976، حول إنشاء مجلس التعاون الخليجي، فقد خطط ونفذ هذا المشروع بناء على الرغبة الأميركية، ولإحساسه بالأخطار الّتي تهدُّد الأمن القومي لدُّوَل شبه الجزيرة العربيَّة.

وبعد تولي الرئيس الأميركي "جيمي كارتر" (Jimmy Carter) السُّلطة في كانون الثاني/يناير 1977، دعا إلى الانفراج الدَّوْلي، حيث صرَّح وزير الخارجية الأميركي "سايرس فانس" (Cyrus Vance) عام 1977، بقوله: "من المستحيل استبعاد الاتِّحاد السُّوفياتي من الشَّرق الأوسط، فهو موجود فيها بحكم عوامل كثيرة، أولها أنه أحد القوتين الأعظم في العالم"، وعليه دعمت الولايات المتَّحدة الإجراءات السعودية الّتي وجدت من اندلاع الحرب بين اليمن الجنوبية واليمن الشمالية في آذار/مارس 1979، نشاطاً شيوعياً لإزاحة النظام في صنعاء.

لهذا أكَّد وزير الدفاع الأميركي الأسبق "هارولد براون" (Brown Harold) بأن الولايات المتَّحدة يجب أن تكون لها قوَّة رادعة في الخليج العربي تتمتَّع بسرعة وقابلية على الحركة المرنة والمتزنة، وتتدخَّل بعيداً عن القارة الأميركية وقت الأزمات الحرجة باسم "قوَّات الانتشار السريع" (Rapid Deployment Forces) في آذار/مارس 1979، ، تزامناً مع إعلان الجمهورية الإسلاميَّة في إيران في نيسان/أبريل 1979، وغزو الاتِّحاد السُّوفياتي لأفغانستان في كانون الأول/ديسمبر 1979، وعليه تحوُّلت منطقة الشَّرق الأوسط، لا سيّما منطقة الخليج العربي إلى رقعة ملتهبة لهذا أعلنت الولايات المتَّحدة عن "عقيدة كارتر" (Carter Doctrine) وهي إستراتيجية للتدخُّل المباشر في كانون الثاني/يناير 1980، الّتي اعتبرت أنّ "أيَّة محاولة من جانب أية قوَّة أجنبية للسَّيطرة على الخليج، سوف تعتبر بمثابة عدوان على المصالح الأميركية، وسوف تستخدم كل الوسائل الضرورية للرد"، وبهدف هذه الغاية في المنطقة دفعت الولايات المتَّحدة النظام العراقي لإعلان الحرب على إيران في أيلول/سبتمبر 1980.

وبوصول الرئيس "رونالد ريغان" (Ronald Reagan) إلى السُّلطة في كانون الثاني/يناير 1981، تطوُّرت إستراتيجية التدخُّل من منطق التفوُّق باسم "الإجماع الاستراتيجي" (Strategic consensus)، كذلك عقد اتِّفاقيات مع إسرائيل، وزيادة المواجهة مع الاتِّحاد السُّوفياتي، وهنا حفَّزت الولايات المتَّحدة الأطراف الخليجية على تشكيل منظَّمة إقليميَّة تعنى بالشؤون الخليجية،  وعليه شكَّل مجلس التعاون لدُّوَل الخليج العربيَّة في 25 أيار/مايو 1981، بالاجتماع المنعقد في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، وهو منظَّمة إقليميَّة سياسيَّة، اقتصادية، عسكرية، وأمنيَّة مكوِّنة من ست دُوَل عربيَّة تطل على الخليج العربي، وتشكل أغلبية مساحة شبه الجزيرة العربيَّة، هي المملكة العربيَّة السعودية، مملكة البحرين، الإمارات العربيَّة المتَّحدة، سلطنة عمان، دولة الكويت، دولة قطر، وللتوضيح فأن جميع الدُّوَل الأعضاء في مجلس التعاون لدُّوَل الخليج العربيَّة هي دُوَل ملكية، إذ إن دولتان نظام حكمها ملكي مطلق، وهي المملكة العربيَّة السعودية ودولة قطر، ودولتان نظام حكمهما ملكي دستوري، وهي دولة الكويت ومملكة البحرين، ودولة نظام حكمها سلطاني وراثي وهي سلطنة عمان، ودولة نظام حكمها اتِّحادي رئاسي وهي الإمارات العربية المتَّحدة، وهي عبارة عن سبعة إمارات كل إمارة لها حاكمها الخاص.

لقد وصّل قادة الدُّوَل الخليجية الست إلى صيغة تعاونية، فقد جاءت المنطلقات واضحة في ديباجة النظام الأساسي الّتي شدَّدت على ما يربط بين الدُّوَل الست من علاقات خاصة، وسِمَات مشتركة، ، وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلاميَّة، وإيمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف، وأن التعاون فيما بينها إنَّما يخدم الأهداف السامية للأمة العربيَّة، كما يهدف المجلس إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دولهم في جميع الميادين، وصولاً إلى وحدتها، وفق ما نص عليه النظام الأساسي للمجلس في المادة (4)، الّتي أشارت إلى تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون بين مواطني دُوَل المجلس، ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين الإقتصادية، والمالية، والتجارية والجمارك، وغيرها من الأنشطة الإقتصادية المختلفة، كذلك دفع عملية التقدُّم العلمي والتقني في مجالات الإقتصادية المختلفة عن طريق إنشاء مراكز بحوث علمية، وإقامة مشاريع مشتركة، وتشجيع تعاون القطاع الخاص.

وبعد أشهر من اندلاع ما يُسمَّى "ثورات الربيع العربي" أعلن في أيار/مايو 2011، في اجتماع المجلس في الرياض عن الموافقة بضمُّ المملكة الأردنية الهاشمية للمجلس، ودعوة المملكة المغربية للإنضمام لمجلس التعاون، لكن المغرب قامت بالإعتذار معتبِّرة اتِّحاد المغرب العربي موقعاً استراتيجياً لها، وقد حدثت انشقاقات حادة داخل مجلس التعاون الخليجي، حيث العامل المذهبي أخذ حيزاً فقد اتَّحدت قطر مع تركيا ذات الخلفية التابعة للإخوان المسلمين في دعم النظام المصري بقيادة "محمد مرسي" الّذي تولّى مهام منصبه في 30 حزيران/يونيو 2012، لكن أزيح عن السُّلطة بعد مظاهرات 30 حزيران/يونيو 2013، والمدعومة من السعودية والإمارات العربيَّة المتَّحدة، وهو ما أثار حفيظة قطر وتركيا اللتان دعمتا الإخوان المسلمين في ليبيا، لا سيّما حكومة الوفاق في طرابلس بقيادة "فايز السراج"، ضدَّ قوَّات الجيش اللّيبي بقيادة المشير "خليفة حفتر" المدعوم من السعودية والإمارات العربيَّة المتَّحدة ومصر.

ومع استمرار الحكومة اليمنية في إقصاء الكوادر الحوثية اضطر الحوثيون إلى الاعتراض في العاصمة صنعاء، وقدم رئيس الوزراء "محمد باسندوة" استقالته في أيلول/سبتمبر 2014، وجراء هذه الاستقالة شكَّلت السعودية "التحالف العربي" في عملية عاصفة الحزم للعدوان على اليمن في آذار/مارس 2015، وطلب الرئيس اليمني المخلوع "عبد ربه منصور هادي" انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي ودخول قوَّات درع الجزيرة إلى اليمن لمساعدة حكومته على استعادة الأراضي اليمنية الّتي سيطر عليها جماعة الحوثيين، وقد شاركت قطر في عاصفة الحزم.

كما شاركت قطر في صفقة في العراق وسورية في نيسان/أبريل 2017، وكان للصفقة هدفين، الأول ضمان عودة (26) رهينة قطري في العراق. والهدف الثاني السَّماح للإخلاء الآمن لبعض الأطراف، ووفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز" (The New York Times)، سمحت هذه الصفقة بإخلاء ما لا يقل عن (2000) معتقل من مضايا السورية من هيئة تحرير الشام، وحركة أحرار الشام الإسلاميَّة، ما أثار غضب المملكة العربيَّة السعودية والإمارات العربيَّة المتَّحدة، كما بثت وكالة الأنباء القطرية في أيار/مايو 2017، تصريحات لأمير قطر انتقد فيها المشاعر المعادية لإيران، لكن سارع المسؤولون القطريون إلى إنكار التصريحات، متهمين قراصنة باختراق وكالة الأنباء الرسمية، لكن الانتقادات السعودية والإماراتية تصاعدت بشدّة بعد أن اتصل الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني" بالرئيس الإيراني "حسن روحاني" ما اعتبر تحدٍ للمملكة.

وحاولت الولايات المتَّحدة استثمار توتُّر العلاقات القطرية الخليجية، فخلال قمَّة الرياض قام الرئيس الأميركي السابق "دونالد ترامب" (Donald Trump) بزيارة المملكة العربيَّة السعودية في أيار/مايو 2017، وقدم دعماً قوياً لجهود السعودية المبذولة ضدَّ الدُّوَل والجماعات المتحالفة مع إيران وسورية والإخوان المسلمين، كما عقدت خلال القمة صفقة أسلحة بين البلدين، وأبدى الرئيس الأميركي رغبته في إعادة هيكلة العلاقات الخليجية الخليجية، ودعم العلاقات الخليجية الإسرائيليَّة. كما جرى التركيز على أن الدوحة تحركت لتحقيق مصالحها بعيداً عن الرغبة السعودية، حيث اعتبرت قطر أن عزل الرئيس المصري "محمد مرسي" انقلاباً، وعليه ترى المملكة العربيَّة السعودية والإمارات العربيَّة المتَّحدة أن قطر دعمت الفوضى وعدم الاستقرار بالمنطقة، إذ طوُّرت الدوحة علاقاتها مع جماعة الإخوان المسلمين المحظورة والمتطرُّفة من وجهة النظر السعودية والإماراتية، والتعاطي الإعلامي لقناة الجزيرة مع بعض الأحداث الّذي تراه الدُّوَل المحتجة بأنه تحريض وإعلام موجهة، والخلاف حول طريقة مكافحة الإرهاب، وعدم بذل دولة قطر ما يكفي لمكافحته أو الإتهام بتمويله واعطاء جماعات العنف منابر فضائية للتعبير عن افكارها، وطبيعة العلاقات مع إيران، لهذا سحبت كلٌّ من السعودية والبحرين والإمارات العربيَّة المتَّحدة ومصر وموريتانيا سفرائها لدى قطر في حزيران/يونيو 2017، وأغلقت المجالات الجوية والمنافذ البرية والبحرية مع الدوحة، بسبب ما وصفوه بعدم التزام الدوحة بمقررات تمَّ التوافق عليها سابقاً بمجلس التعاون الخليجي.

 

لقد وصف بيانها الرسمي بالحاسم لقطع علاقاتها الدبلوماسيَّة مع قطر بسبب "استمرار السُّلطات القطرية في سياستها الّتي تزعزع أمن واستقرار المنطقة، ولعدم التزام السُّلطات القطرية باتفاق الرياض لإعادة السفراء والاتفاق التكميلي له 2014، ومواصلة دعمها وتمويلها واحتضانها للتنظيمات الارهابية والمتطرُّفة والطائفية وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين، وعملها المستمر على نشر وترويج فكر تنظيم "داعش" والقاعدة عِبرَ وسائل اعلامها المباشر وغير المباشر وكذلك نقضها البيان الصادر عن القمة العربيَّة الإسلاميَّة الأميركية بالرياض عام 2017، لمكافحة الارهاب الّذي اعتبر إيران الدَّولة الراعية للإرهاب في المنطقة إلى جانب أيواء قطر للمتطرُّفين والمطلوبين أمنياً على ساحتها، وتدخلها في الشؤون الداخلية لدَّولة الإمارات وغيرها من الدُّوَل، وأن ما تنتهجه السُّلطات القطرية من سياسات تؤدي إلى الوقيعة بين شعوب المنطقة مع التأكيد على احترامها وتقديرها البالغين للشَّعب القطري لما يربطها معه من أواصر القربى والنسب والتاريخ والدين".

وقالت الحكومة القطرية في أيار/مايو 2017، أن المواقع الإخبارية القطرية، ومنصات وسائط الإعلام الحكومية تمَّ اختراقها وطبقاً لما ذكرته قناة الجزيرة القطرية، فإن القراصنة نشروا تصريحات وهمية على وكالة الأنباء القطرية الرسمية نسبت إلى أمير قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني" الّذي أعرب عن تأييده لإيران، وحماس، وحزب الله، ونقل عن الأمير قوله: "إيران تمثل ثقلاً إقليمياً وإسلامياً لا يُمكن تجاهله، وليس من الحكمة التصعيد معها، مؤكِّداً أنها قوَّة كُبْرَى تضمن الاستقرار في المنطقة"، لكن قطر سرعان ما نفت تلك الأخبار، وفي الوقت ذاته أعلن وزير الإعلام البحريني "خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة" بأن مجهولون اخترقوا حسابه في تويتر في حزيران/يونيو 2017، وفي بداية الاختراقات أشارت وكالة المخابرات المركزية الأميركية إلى أن قراصنة روسيين كانوا وراء التدخُّل الأول الذي أبلغ عنه القطريون، لكن من غير الواضح هل كان القراصنة تحت رعاية الدَّولة أم لا، وأرسل "مكتب التحقيقات الفيدرالي" (Federal Bureau of Investigation) (FBI) فريق من المحققين إلى الدوحة لمساعدة قطر في التحقيق في حادث القرصنة المزعومة.

كما تمَّ تسريب رسائل من حساب البريد الإلكتروني لسفير دولة الإمارات العربيَّة المتَّحدة في الولايات المتحدة "يوسف العتيبة" في أيار/مايو 2017، واعتبرت تلك المراسلات محرجة، لأنها جرت مع مؤسَّسة إسرائيليَّة تدعى مؤسَّسة الدفاع عن الديمقراطيات، وتمَّ تغطية التسريبات من قِبَل قناة الجزيرة "هافينغتون بوست عربي" (Huffington Post Arabic)، واعتبر ذلك استفزازاً،  وتعميقاً للخلافات القطرية الخليجية.

 

وأبدى الرئيس الأميركي السابق "دونالد ترامب" رغبته في إعادة هيكلة منظومة العلاقات الخليجية الخليجية، ودعم العلاقات الخليجية الإسرائيليَّة ضمن خطَّة المستشار "جاريد كوري كوشنر" (Jared Corey Kushner) والّتي تقضي بضخ استثمارات تصل إلى (50) مليار دولار في أكثر من دولة عربيَّة، مقابل توطين اللاجئين الفلسطينيين، وتنفيذ مشاريع في مجالي البنية التحتية والأعمال لتشغيل الفلسطينيين، وعلى هذا الأساس بادرت الإمارات العربيَّة المتَّحدة إلى عقد اتِّفاقية سلام مع إسرائيلي، إذ أعلن الرئيس الأميركي السابق "دونالد ترامب" في آب/أغسطس 2020، إن اتفاقاً تاريخياً حصل بين بلدين صديقين عظيمين هما إسرائيل والإمارات، وبحسب وصفه سيسهمُّ في دفع عملية السَّلام في الشَّرق الأوسط، وتحت الرعاية الأميركية وقَّعت البحرين وإسرائيل اتِّفاقية سلام في أيلول/سبتمبر 2020، كذلك وقَّعت السودان وإسرائيل على اتِّفاقية سلام في أيلول/سبتمبر 2020، وأيضاً التحقت المغرب بركب التطبيع بعد توقيع اتِّفاقية سلام مع إسرائيل في كانون الأول/ديسمبر 2020.

وبعد ان تمكَّنت الولايات المتَّحدة من إدارة الصِّراع العربي الإسرائيلي بالطريقة الّتي تحقِّق الأهداف الصَّهيونيَّة، دفعت السعودية إلى إعادة الدوحة إلى الحاضنة الخليجية تحت القيادة السعودية المدعومة أميركاً، إذ قبيل قمة "العلا" الّتي جمعت قادة دُوَل مجلس التعاون لدُّوَل الخليج العربيَّة في دورتها الحادية والأربعين في 5 كانون الثاني/يناير 2021، أعلنت السعودية والكويت والإمارات العربيَّة المتَّحدة والبحرين ومصر بإعادة العلاقات مع قطر، وارجاع البعثات الدبلوماسيَّة، وفتح الأجواء والحدود البرية والبحرية والجوية مع الدوحة.

وبحسب البيان ظهر تحدي جائحة كورونا المستجد، وأن معالجة تداعياتها تتطلب تعزيز العمل الخليجي المشترك وعلى وجه الخصوص في ما يلي:

1- التنفيذ الكامل والدقيق لرؤية ملك السعودية "الملك سلمان بن عبد العزيز"، الّتي أقرها المجلس الأعلى في دورته (36) في كانون الأول/ديسمبر 2015، وفق جدول زمني محدِّد ومتابعة دقيقة، بما في ذلك استكمال مُقوِّمات الوحدة الإقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنيَّة المشتركة وبلورة سياسيَّة خارجية موحدة.

2- تفعيل دور "المركز الخليجي للوقاية من الأمراض ومكافحتها" الّذي تمَّ تأسيسه في هذه القمَّة، انطلاقاً ممَّا تضمنته رؤية ملك السعودية، وتمكينه بشكل سريع من تنسيق العمل الخليجي المشترك لمواجهة جائحة كورونا وغيرها من الأوبئة.

3- استكمال متطلبات الاتِّحاد الجمركي والسُّوق الخليجية المشتركة، وتحقيق المواطنة الإقتصادية الكاملة، بما في ذلك منح مواطني دُوَل المجلس الحرية في العمل والتنقل والاستثمار والمساواة في تلقي التعليم والرعاية الصحية، وبناء شبكة سكة الحديد الخليجية، ومنظومة الأمن الغذائي والمائي، وتشجيع المشاريع المشتركة، وتوطين الاستثمار الخليجي.

4- الاستفادة ممَّا تم تطويره من أدوات متقدمة للتعاون في إطار مجموعة العشرين، خلال فترة رئاسة المملكة العربيَّة السعودية، في جميع المجالات، بما في ذلك تحفيز الإقتصاد، وإشراك قطاع الأعمال ومؤسَّسات المجتمع المدني، وتمكين المرأة والشباب بشكل أكبر في التنمية الإقتصادية، وتشجيع المبادرات المتعلقة بالاقتصاد الرقمي، وتكليف الأمانة العامة للمجلس بالمتابعة ووضع الخطط والبرامج لتنفيذ ذلك بالتعاون مع بيوت الخبرة المتخصصة.

5- تنمية القدرات التقنية في الأجهزة الحكومية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي ضماناً لسرعة وكفاءة تنفيذ الخدمات والإجراءات، وتطوير المناهج التعليمية والرعاية الصحية والتجارة الرقمية. وتعزيز التعاون بين مؤسَّسات المجلس ومنظَّمة التعاون الرقمي الّتي تأسست عام 2020، بما يحقِّق مصالح دُوَل المجلس.

لكن الأهداف غير المُعلنة لقمَّة "العلا" تكمن في التوجُّه الأميركي لأبعاد قطر عن القِوى الإقليميَّة المُناهضة لعملية التطبيع؛ بمعنى أبعاد قطر عن تركيا وإيران، وبناء منظومة عربيَّة جديدة تراعي المصالح الإسرائيليَّة بعيداً عن المحاولات الشعبوية والمقاومات الوطنيَّة الّتي تسعى لاسترجاع الحقوق الفلسطينية، وإنهاء أزمة الصِّراع العربي الإسرائيلي بالمهادنة والخضوع والأمر الواقع، وعدم إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، ناهيك عن الرغبة الأميركية في إيجاد أدوات ردع خليجية لمُنافسة النفوذ الإيراني في اليمن وسورية والعراق ولبنان، ومن ثمة تقييد حلفاء المحور الرّوسي الصيني في الشَّرق الأوسط، والتأثير على رؤيتهم في إقامة نظام عالمي جديد يراعي التعدُّدية القطبية، ويزيد من انهزامية النظام العالمي الأحادي القطبية.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع