القائمة الرئيسية

الصفحات

الحروب العدوانية في القانون الدَّوْلي العام في فلسفة الدكتور حكمت شبر بقلم الدكتور سماح مهدي صالح العلياوي

 

 

 

الحروب العدوانية في القانون الدَّوْلي العام في فلسفة الدكتور حكمت شبر

بقلم الدكتور سماح مهدي صالح العلياوي

 


 

الحروب العدوانية في القانون الدَّوْلي العام في فلسفة الدكتور حكمت شبر

بقلم الدكتور سماح مهدي صالح العلياوي

 

لقد كانت الحروب هي الفيصل الرئيسي لحل المنازعات بين الدُّوَل الغربية على الرغم من أن معاهدة "وستفاليا" (Westphalia) عام 1648، أرست أُسس النظام العالمي، والدَّولة القومية القائمة على مفهوم السِّيادة، وعدم الاعتداء وحرمة الحدود، لكن غالباً ما كانت الدُّوَل الكُبْرَى تلجأ إلى الحروب لإعادة اقتسام المستعمرات، وقد كانت الدَّولة مُطلقة السِّيادة، ولا تخضع لقواعد القانون الدَّوْلي، حيث نجد ملك فرنسا "لويس الرابع عشر" يقول العبارة الشهيرة: "الدَّولة أنا، وأنا الدَّولة" (The state is me, and I am the state)، وقد كانت أغلب دول العالم في آسيا وإفريقيا خاضعة للاستعمار المقيت الذي غيب حقوق الأفراد، وكانت الدُّوَل الكُبْرَى تلجأ لمختلف الوسائل في سبيل إخضاع الشَّعوب الأخرى، فقد اخترعت مفهوم "الأراضي غير الخاضعة لأحد" (Lands not subject to anyone)؛ بمعنى أن تضمُّ أيّ من الأراضي الّتي لم تخضع إلى سيطرة دولة كُبْرَى، كما جاء وثيقة مؤتمر برلين في شباط/فبراير 1885، بأن يحق للدُّوَل الموقعة على هذه الوثيقة أن تستولي على أرض ما تقع على شواطئ إفريقيا، بشرط أن لا تكون واقعة بحوزة أحد من قبل، وتلتزم هذه الدَّولة بأعلام الدُّوَل الموقعة على هذه الوثيقة حتى يكون الأخيرة مجال الادعاء في حالة التجاوز على أراضيها؛ بمعنى شرعنة الاستيلاء مع ضرورة الابلاغ تفادياً لتضارب مصالح الدُّوَل الكُبْرَى.

كما سعت الدُّوَل الاستعمارية إلى إيجاد مناخ ملاءم لتطبيق سياستها، من خلال القول بأن سكان الأراضي غير الخاضعة للسَّيطرة لا ينتمون إلى عائلة الشَّعوب المتحضرة، وهم شعوب متأخرة، وبالتالي، فهم لا يستطيعوا أن يملكوا حقهم في السِّيادة، وهذا يخول الدُّوَل الكُبْرَى الحق في حرمانهم من وجودهم القانوني، وأن يستملك أراضيهم كما لو كانت لا تخص أحد، وعلى هذا الأساس عُقدت معاهدة "سايكس بيكو" (Sykes Picot) عام 1916، وهي معاهدة سرية بين فرنسا والمملكة المتَّحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية وإيطاليا على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا، ولتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا، وتقسيم الدَّولة العثمانية الّتي كانت المسيطرة على تلك المنطقة في الحرب العالمية الأولى، كما أعطى وزير الخارجية البريطاني "آرثر جيمس بلفور" (Arthur James Balfour) وعداً لليهود باسم "وعد بلفور" عام 1917، لتأسيس وطن قوميّ للشَّعب اليهوديّ في فلسطين.

وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عُقدت معاهدة "فرساي" (Versailles) في مؤتمر باريس للسَّلام عام 1919، وقد انهت هذه المعاهدة وقائع الحرب العالمية الأولى، وأوجدت نظام الانتداب لإضفاء الصبغة الشرعية على الاستعمار باسم رقابة التنظيم الدَّوْلي المتمثل في عهد عصبة الأمم. وعندما اجتمع الحلفاء وهم: المملكة المتَّحدة لبريطانيا العُظمى وإيرلندا، وفرنسا، والإمبراطورية الروسية، في المدينة الإيطالية "سان ريمو" (San Remo)، انتهزت بريطانيا وفرنسا الفرصة لعقد اتِّفاقية باسم "بيرينغرلونغ" (Berenger – Long) في نيسان/أبريل 1920، الّتي تمَّ من خلالها نقل ولاية الموصل من فرنسا إلى بريطانيا، بدلاً عن سورية، بشرط منح فرنسا حصة من نفطِ الموصل، وبالمقابل سمحت فرنسا بمد أنابيب النفط البريطانية، عبرَ الأراضي الواقعة تحت انتدابها، ولهذا هيمن على النفط العالمي تنظيم احتكاري باسم "الشقيقات السبع" (Seven sisters)، أو "الشَّركات الكُبْرَى" (Large companies).

وعلى الرغم من المآسي الّتي حدثت جراء الحرب العالمية الأولى، غير أن عهد عصبة الأمم لم يحرم الحرب العدوانية قطعياً على اعتبارها وسيلة لحل المنازعات الدَّوْلية، وإنَّما أشار إلى ضرورة الرجوع إلى الهيئات المسؤولة في عصبة الأمم، وهذه الهيئات هي مجلس العصبة وجمعيتها العامة ومحكمة العدل الدَّوْلية. إذ تنص المادة (12) الفقرة (1) على حثَّ الدُّوَل الأعضاء على عرض أيّ نزاع بينها من شأنه أن يؤدي إلى احتكاك دولي على التحكيم، أو التسوية القضائية، أو التحقيق بواسطة مجلس العصبة. كما تنص المادة (12) الفقرة (2) على عدم الالتجاء إلى الحرب بأية حال قبل انقضاء ثلاثة شهور من صدور قرار التحكيم، أو الحكم القضائي، أو تقرير مجلس العصبة. وتنص المادة (13) على اللّجوء إلى الحرب ضدَّ الدَّولة العضو الّتي لم تنفذ الحكم أو القرار الصادر من مجلس العصبة، أو من أجل نزاع سبق وأن عرض على مجلس العصبة، ولم يصدر في شأنه قرار. وقد تركت المادة (15) الفقرة (۷) لأطراف النزاع اتَّخاذ ما يرونه مناسباً من الإجراءات للمحافظة على القانون والعدالة في حالة عدم قيام مجلس العصبية باتخاذ قرار بالإجماع بشأن النزاع المعروض على المجلس.

وقد أنيطت المسؤولية بالجمعية العامة في تحريك الأعضاء لتوقيع الجزاء في حالة تعرض السِّلم والأمن للخطر كما في نص المادة (16) "إذا أقدم أيّ عضو في العصبة على اللّجوء إلى الحرب متخطياً عهدها بموجب المواد، 12، 13، 15، يعتبر بطبيعة الحال مرتكباً لأعمال حرب ضدَّ سائر أعضاء العصبة الذين عليهم أن يخضعوه فوراً لقطع العلاقات التجارية والمالية، وقطع جميع الاتصالات بين مواطنيهم وبين الدَّولة العضو الّتي تخطّت العهد، ومنع كل الاتصالات المالية والتجارية والشخصية بين مواطني الدَّولة العضو المتخطيّة العهد وبين مواطني أيّ دولة أخرى، سواء أكانت في العصبة أو لم تكن"، وعليه، فإن عصبة الأمم لم تحرم بشكل مطلق اللجوء إلى الحرب لفض المنازعات الدَّوْلية، بل حرمت الحرب العدوانية في أحوال وأجازتها في أحوال أخرى، كما أجازت للدَّولة المتنازعة الدخول في الحرب بعد ثلاثة أشهر من صدور قرار التحكيم أو الحكم القضائي أو قرار مجلس العصبة إذا لم ينفذ أحد الأطراف التسوية المنصوص عليها في الأحكام والقرارات.

وبعد الحروب العدوانية لإعادة تقسيم المستعمرات، والّتي أدَّت إلى قيام الحرب العالمية الثانية بدأ المجتمع الدَّوْلي يعي ضرورة إيجاد مُحدِّدات وضوابط تحكم القِوى الكُبْرَى في العلاقات الدَّوْلية، وعلى هذا الأساس صدرت مجموعة من التصريحات، وعقد مؤتمرات عدَّة قبل تشكيل منظَّمة الأمم المتَّحدة، وهي: "تصريح واشنطن" عام 1942، وقع عليه خمسون دولة، وقد أشار إلى ضرورة أنشاء منظَّمة دولية. و"تصريح موسكو" عام 1943، صدر من قِبَل الولايات المتَّحدة والاتِّحاد السُّوفياتي وبريطانيا والصين، حيث أعلنت هذه الدُّوَل عن عزمها على تشكيل منظَّمة دولية تختص بالسِّلم والأمن الدوليين. كما صدر "تصريح طهران" عام 1943، من قِبَل الولايات المتَّحدة والاتِّحاد السُّوفياتي وبريطانيا، وتضمن الشعور بالمسؤولية تُجَاه شعوب العالم، والتأييد على ضرورة تشكيل نظام للسَّلام الدَّوْلي.

كما عُقد مؤتمر "دمبرتون أوكس" (Dumberton Oaks) عام 1944، وشمل الولايات المتَّحدة والاتِّحاد السُّوفياتي وبريطانيا والصين، وقد وضع هذا المؤتمر الأسس الّتي تقوم عليها المنظمة الدَّوْلية الجديدة أيّ منظَّمة الأمم المتَّحدة. وعقد أيضاً "مؤتمر يالطا" عام 1945، بين الولايات المتَّحدة والاتِّحاد السُّوفياتي وبريطانيا، حيث تمَّ الاتِّفاق على نظام التصويت في مجلس الأمن الدَّوْلي، ومنح حق الفيتو للدُّوَل الخمسة الدائمة. كذلك عُقد مؤتمر "سان فرانسيسكو" (San Francisco) عام 1945، حيث دعت الولايات المتَّحدة كافة دُوَل العلم للتوقيع على الصياغة النهائية لميثاق منظَّمة الأمم المتَّحدة. كما عُقد مؤتمر الأمم المتَّحدة للتنظيم الدَّوْلي عام 1945، وانتهى بإقرار ميثاق منظَّمة الأمم المتَّحدة، وتضمن (111) مادة، وقد أقر هذه المؤتمر النظام الأساسي لمحكمة العدل الدَّوْلية. وقد جاء ميثاق منظَّمة الأمم المتَّحدة متكاملاً من الناحية النظرية من حيث استكماله للمبادئ التقدمية والإنسانية والوسائل والإجراءات الضرورية للمحافظة على السِّلم والأمن الدوليين، وإنهاء الحروب العدوانية الّتي سادت خلال الحربين العالميتين، وهو بذلك يأتي تتويجاً لجهود كبيرة بذلتها الأمم ومفكروها من أجل إقامة نظام يكفل لها السَّلام، فقد نص الميثاق في المادتين الأولى والثانية على مقاصد ومبادئ أساسيَّة.

وتقوم مقاصـد منظَّمة الأمـم المتَّحدة على أربعة محاور، هي: أولاً، حفظ السِّلم والأمن الدوليين، وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب الّتي تهدُّد السِّلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسِّلم، وتتذرّع بالوسائل السِّلمية، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدَّوْلي، لحلّ المنازعات الدَّوْلية الّتي قد تؤدي إلى الإخلال بالسِّلم أو لتسويتها. ثانياً: إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الّذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشَّعوب، وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، وكذلك اتَّخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السِّلم العام. ثالثاً: تحقيق التعاون الدَّوْلي على حلّ المسائل الدَّوْلية ذات الصبغة الإقتصادية والإجتماعية والثَّقافية والإنسانية، وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسيَّة للناس جميعاً، والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللّغة أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء. رابعاً: جعل هذه الهيئة مرجعاً لتنسيق أعمال الأمم وتوجيهها نحو إدراك هذه الغايات المشتركة.

وتعمل الهيئة وأعضاؤها في سعيها وراء المقاصد المذكورة في المادة الأولى وفقاً ‏‏ للمبادئ الآتية: أولاً: تقوم الهيئة على مبدأ المساواة في السِّيادة بين جميع أعضائها.‏ ثانياً: لكي يكفل أعضاء الهيئة لأنفسهم جميعاً الحقوق والمزايا المترتبة على صفة العضوية يقومون في حُسنُ نية ‏بالالتزامات الّتي أخذوها على أنفسهم بهذا الميثاق. ثالثاً: يفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدَّوْلية بالوسائل السِّلمية على وجه لا يجعل السِّلم والأمن والعدل الدَّوْلي عرضة للخطر. رابعاً: يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدَّوْلية عن التهديد باستعمال القوَّة أو استخدامها ضدَّ سلامة الأراضي أو الاستقلال السِّياسيّ لأية دولة أو على أيّ وجه آخر لا يتفق ومقاصد "الأمم المتَّحدة". خامساً: يقدّم جميع الأعضاء كل ما في وسعهم من عون إلى "الأمم المتَّحدة" في أيّ عمل تتَّخذه وفق هذا الميثاق، كما يمتنعون عن مساعدة أية دولة تتَّخذ الأمم المتَّحدة إزاءها عملاً من أعمال المنع أو القمع. سادساً: تعمل الهيئة على أن تسير الدُّوَل غير الأعضاء فيها على هذه المبادئ بقدر ما تقتضيه ضرورة حفظ السِّلم ‏والأمن الدوليين.‏ سابعاً: ليس في هذا الميثاق ما يسوغ "للأمم المتَّحدة" أن تتدخل في الشؤون الّتي تكون من صميم السُّلطان الداخلي ‏لدَّولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحلّ بحكم هذا الميثاق، على أن ‏هذا المبدأ لا يخلّ بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع.‏

إنَّ الميثاق وضع هدفا أساسياً له هو المحافظة على السِّلم والأمن الدوليين عن طريق التدابير الجَمَاعية الّتي تتَّخذها الأمم المتَّحدة، فقد اهتمت الجمعية العامة بتعريف العدوان في القرار المرقَّم (1/4133) عام 1974، نصت المادة الأولى بأنه "استخدام للقوَّة بواسطة دولة ضدَّ السِّيادة أو السَّلامة الإقليميَّة، أو الاستقلال السِّياسيّ لدَّولة أخرى، أو بأية طريقة كانت تتعارض مع ميثاق الأمم المتَّحدة". ويتميز هذا التعريف بأنه صيغ بأسلوب واضح ومنطقي، فقد أشار التعريف في المادة الرابعة بأن لمجلس الأمن استخلاص العدوان من بعض الوقائع الّتي لم ترد في التعريف، ولا يمكن التنبؤ بها سلفة، فأتاح بذلك الفرصة لملاحقة التطوُّر القانوني والاستفادة منه بخصوص بعض المجالات الّتي قد تظهر في المستقبل.

ويقوم العدوان على ثلاثة أركان، هي: "الركن المادي" (Physical corner)، بما أن العدوان هو استعمال القوَّة المسلَّحة ضدَّ سيادة الدَّولة الضحية، فقد حدَّدت المادة الأولى أهم مظاهر اختراق السيادة الوطنية للدُّوَل، وهي: الغزو وهو تسيير جيوش الدَّولة المقاتلة داخل إقليم الدَّولة المعادية. وأيضاً ضرب مواقع أو أهداف معينة أو مناطق في دولة ما، بالقنابل أو بأية أسلحة أخرى. كذلك حصار الشواطئ والموانئ. وأيضاً الهجوم ضدَّ القوَّات المسلّحة في البر أو البحر أو الجو. وأيضاً استخدام إقليم الدَّولة على غير ما هو متفق عليه مثل وجود قوَّات دولة معينة في إقليم دولة أخرى بناء على اتفاق مسبق مُحدِّد. كذلك قيام الدَّولة بوضع إقليمها تحت تصرف دولة أخرى للعدوان. وأيضاً إرسال المرتزقة والعصابات والمأجورين للقيام بأعمال تخريب إرهابية ضدَّ دولة أخرى، ويخضع ذلك الشرطين: الأول، هو كون العصابات مرعية من طرف الدَّولة، والثاني کون الأعمال التخريبية على قدر من الخطورة بحيث تؤثر في سيادة الدَّولة فتعرض سلامتها الإقليميَّة أو استقلالها السِّياسيّ للخطر.

ثانيا: "الركن المعنوية" (Spiritual corner)، حيث يشترط القصد الجنائي في جريمة العدوان، أيّ العلم والإرادة، إذ يجب أن يعلم الجاني أن فعل العدوان فعل غير مشروع، وأن من شأنه إنهاء العلاقات السِّلمية والودية بين الدُّوَل. وأن تتجه إرادة الجاني إلى فعل العدوان في ذاته، أيّ المساس بالسِّيادة أو إنهاء العلاقات السِّلمية. فإذا وجد العلم أو الإرادة بالمعنى السابق تحقق القصد الجنائي، أيا يكن الباعث على ارتكاب الجريمة.

ثالثاً: "الركن الدَّوْلية" (International Corner) أيّ وجوب وقوع فعل العدوان باسم الدَّولة أو دُوَل عدَّة، أو بناء على خطتها، أو برضاها، على إقليم أو قوات سفن أو طائرات دولة أخرى أو دُوَل عدَّة أخرى، بحيث يمكن القول بأن هذه الجريمة قد أنشأت علاقة دولية محرمة.

وعلى الرغم من المحاولات الدَّوْلية لإيقاف الحروب العدوانية غير أن الدَّوَل الكُبْرَى، لا سيّما الولايات المتَّحدة، وجدت نوعين من الحروب، هما: الحرب الوقائية (Preventive war) تعني الضربات المُبكِّرة للخصم عند اكتشاف نوايا عدائه، وتقوم على التخمين والتنبؤ بخطرٍ قد يكون مصدر تهديد، وهي وسيلة لمواجهة الأعمال العدوانية قبل انطلاقها، هذا ما أكَّده خطاب الرئيس الأميركي "جورج دبليو بوش" (George W. Bush) عام 2002، قائلاً: "إنَّ من حقّ الولايات المتَّحدة أن تسدِّد ضرباتها الوقائية إلى أيّ أمَّة تعتقد أنها تمثِّل خطراً، علينا أن ننقل المعركة إلى العدو، علينا أن نواجه أسوأ التهديدات قبل أن تظهر". أمَّا "الحرب الاستباقية" (Preemptive war) عرفها البنتاغون بأنها "هجوم يتّسم بأخذ المبادأة بناء على أدلَّة دامغة بأنَّ هجوم العدو وشيك"، وهي تُوجَّه ضدَّ قوَّات الخصم الّتي نُشرت في أوضاع هجومية استعداداً لقتال فعلي، أيّ استباق الخصم بتوجيه ضربات إجهاضيه ضدَّ قوَّته، لإفشال هجوم أكيد، وتبريره أنَّ التهديد بات وشيكاً، ولا يترك مجالاً لاختيار الوسائل البديلة. وبهذا وجدت الدُّوَل العُظمى الوسائل الّتي يُمكن من خلالها أن تشن الحروب العدوانية ضدَّ أيّ دولة تواجه سياستها.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع