القائمة الرئيسية

الصفحات

قمة بغداد ودور العراق الجديد كوسيط في المنطقة (قراءة تحليلية) بقلم / د. ايناس عبد الهادي الربيعي

 

قمة بغداد ودور العراق الجديد كوسيط في المنطقة (قراءة تحليلية)

بقلم / د. ايناس عبد الهادي الربيعي

 


قمة بغداد ودور العراق الجديد كوسيط في المنطقة (قراءة تحليلية)

بقلم / د. ايناس عبد الهادي الربيعي

 

     يستضيف العراق مؤتمرا إقليميا يجمع دول الجوار العراقي معا لدعم العراق قبل إجراء انتخابات مبكرة من النادر أن تصبح بغداد مركز الاهتمام بسبب شيء بنّاء قامت به،، اذ يشير مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة  والذي هو تجمع تاريخي لجميع دول الجوار للعراق  باستثناء سوريا ، واللاعبين الإقليميين والدوليين مثل فرنسا ومصر وقطر والإمارات العربية المتحدة ، إلى تعزيز مكانة بغداد في ظل رئاسة الوزراء من قبل السيد الكاظمي  كمكان يلتقي فيه الأعداء والأصدقاء لمحاولة حل الخلافات وصياغة مسارات مشتركة ، نصف الحاضرين في مؤتمر اليوم شاركوا على أعلى مستوى ، من بينهم العاهل الأردني الملك عبد الله والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني. ومشاركة الكويت مع رئيس وزرائها صباح الخالد الصباح بسبب الأوضاع الصحية لأمير البلاد الذي أبدى استعداده للحضور في وقت سابق كما مثل الإمارات العربية المتحدة نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء محمد بن راشد، كما ارسلت إيران وزير الخارجية الجديد حسين أمير عبد اللهيان وكذلك الحال بما يتعلق بتركيا والسعودية .

   في الواقع ، فإن جلب القوى الإقليمية ذات الثقل إلى الطاولة نفسها والتي هي في حالة صراع مفتوح ، كما هو الحال مع إيران والمملكة العربية السعودية ، سيكون إنجازًا دبلوماسيًا في حد ذاته لحكومة الكاظمي الذي استضاف الكاظمي ثلاث جولات من المفاوضات بين إيران والسعودية وشارك في مبادرات أخرى تشمل دولًا متصارعة إقليمية ، ليأتي المؤتمر ليكون استمرارا لجهود الحكومة لتخفيف التوتر في المنطقة ودعم الاستقرار في العراق.

    وهو ما أكده وزير الثقافة السيد حسن  ناظم حين تحدث عن أجندة طموحة وواسعة النطاق بقوله إن المؤتمر يهدف إلى تحقيق هدفين أحدهما سياسي والآخر اقتصادي، يشمل الجانب السياسي جهودًا (لتهدئة التوترات بين الدول الأخرى في المنطقة)  مما يساعد العراق على استعادة استقراره ، اما الهدف الاقتصادي هو تعزيز الشراكات الاقتصادية بين المشاركين في المؤتمر في مجموعة من المجالات ، بما في ذلك النفط والكهرباء والزراعة والثقافة والتعليم ، بما في ذلك مشاريع بناء المدارس.

   على الصعيد السياسي ، يبدو أن هناك إجماعاً بين المشاركين حول دعم الاستقرار في العراق. لا يوجد بلد في المنطقة يستفيد من دولة عراقية ممزقة وغير قادرة بشكل ميؤوس منه على فرض سلطتها على الصعيد الوطني ، اذ يمكن أن يصبح العراق الذي يعاني من زعزعة الاستقرار بشكل خطير محركًا لعدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة ، مع انتشار جميع أنواع الأنشطة الإرهابية والإجرامية عبر الحدود ، إلى جانب هذا الإجماع الإقليمي لدعم حرب العراق ضد الإرهاب ، فإن استقرار العراق يعني أشياء مختلفة للقوى الإقليمية المختلفة التي اجتمعت في المؤتمر.

بالنسبة لإيران ، يعني العراق المستقر حكومة تتماشى سياسيًا مع محور الشراكة التجارية مرحب به على استعداد لقبول المزيد من الواردات الإيرانية من سلع وبضائع.

    بالنسبة للمملكة العربية السعودية والدول العربية الأخرى ، فإن استقرار العراق يعني بشكل أساسي دولة مستقلة ، في حين تعتبر تركيا عراقًا موثوقًا به على أنه بلد يمكنه مواجهة العدو الرئيسي لأنقرة ، حزب العمال الكردستاني (PKK) وفروعه العراقية ، اذ يعتبر كل من العراق وتركيا حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية تزعزع الاستقرار في مناطق تواجدها.

    وبما أنه من الصعب للغاية مواءمة هذه المصالح السياسية المتضاربة ، الا انه  من المرجح أن يحقق المؤتمر هدفه النهائي ، لكن يجب أن يساهم الحوار بالتأكيد في الجهود المستمرة لتغيير دور العراق من ساحة معركة إلى جسر للتعاون والشراكة بدلاً من ذلك.

    أحد الاهداف المحتملة التي يمكن أن تسهلها بغداد ، والتي سيهدف إليها الكاظمي  هي صفقة التقارب الإيرانية السعودية لإنهاء المواجهة المفتوحة  التي ساعدت تداعياتها على زعزعة استقرار العراق مثل هذا الوفاق سيكون انتصاراً سياسياً للكاظمي لذى يحمل هذا المؤتمر الكثير من الأهمية السياسية تنبع من هذا الاحتمال.

المشاركون الآخرون  مثل فرنسا والأردن ومصر ، تحركهم اعتبارات اقتصادية وليست سياسية بتشجيع من صفقة ( Artway ) للطاقة التي حصلت عليها شركة النفط العملاقة ، توتال ، واتفاقية تجديد مطار الموصل الدولي التي حصلت عليها شركة Aeroports de) Paris Ingenierie ) والتي  أثارت انزعاج تركيا ، التي تنافست على العقد  تتطلع فرنسا إلى المزيد من المشاريع المربحة في العراق  خاصة في مجال الطاقة  أملا في ملء الفراغ الذي خلفه رحيل الشركات الأمريكية والبريطانية.

    مصر والأردن تتطلعان إلى اتفاقيات التجارة والبنية التحتية  شراء العراق للكهرباء من الأردن سيجعل الإيرادات متاحة للمملكة الهاشمية التي تعاني من ضائقة مالية ، ويقلل من اعتماد العراق على مشتريات الطاقة الإيرانية ، ويخفف الضغط الأمريكي على بغداد لتخفيف الضغط عن هذا التوجه.

    كما ستعمل خطة العراق لتصدير النفط عبر ميناء العقبة البحري الأردني وربما عبر الموانئ المصرية المجاورة على تنويع منافذ التصدير في البلاد وجعلها أقل عرضة للاضطرابات الأمنية والسياسية التي يمكن أن تهدد سلامة الطرق البحرية عبر الخليج العربي ،كما  تشمل مشاريع البنية التحتية المخطط لها مع هذين البلدين بناء الطرق والجسور والمدارس التي تشتد الحاجة إليها في العراق.

    سيشهد المؤتمر على الأرجح توقيع اتفاقيات الشراكة الاقتصادية التي كانت قيد الإعداد منذ أشهر  على الرغم من ان العراق لديه سجل ضعيف في المشاريع الكبيرة  لا سيما مشاريع البنى التحتية  بسبب الروتين المستشري ومشاكل الفساد التي تحتاج إلى حل  أولا لكي يرى العراقيون فوائد هذه المشاريع المهمة.

    وهو ما يمكننا رؤية تفكير وشخصية الكاظمي بطريقتين عندما يتعلق الأمر بالمؤتمر.

 الأول : هو دفعه للتعاون الاقتصادي لاستخدامه لحل أو تقليل الآثار السلبية للصراعات السياسية،  المبدأ نفسه منطقي: الفوائد الاقتصادية تجمع الناس معًا بينما تفرقهم السياسة عن بعضهم البعض  لكن تحويل هذا المبدأ السليم إلى واقع في منطقة غير مستقرة للغاية ومعرضة للصراع مثل الشرق الأوسط كان لعقود طويلة تحديًا صعبًا محبطًا.

 الثاني : يتعلق بنوع شخصية الوسيط الذي ميز نهج الكاظمي في الصراع بدلاً من المواجهة  حاول إيجاد أرضية مشتركة للأطراف المختلفة للالتقاء ومناقشة الحلول المحتملة  في بلد مثل العراق ، بتاريخه الطويل والمليء بالسياسة الصفرية في ظل عقود مضت من الاضطهاد والدكتاتورية  لا سيما خلال ديكتاتورية صدام حسين وهو ما يعد هذا خروجًا تاريخيًا مرحبًا به عن القاعدة الإشكالية في الماضي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع