القائمة الرئيسية

الصفحات

الانتخابات العراقية وانعكاساتها المحتملة د. عمار احمد المكوطر

 

 

الانتخابات العراقية وانعكاساتها المحتملة

د. عمار احمد المكوطر

 


الانتخابات العراقية وانعكاساتها المحتملة

د. عمار احمد المكوطر

 

    لعل آثار الحيرة والتساؤل كثيرة في الأوساط العراقية إزاء الانتخابات البرلمانية المعلن عن موعدها في العاشر من شهر تشرين الأول المقبل، فيما إذا كانت المشاركة ستكون واسعة أم أنها ستشهد اقبالاً ضعيفاً، وما الكتل والأحزاب السياسية التي يمكن لها أن تحقق عدداً من المقاعد اكثر، وما هو شكل المشهد السياسي المقبل ؟ قد تبدو هذه التساؤلات منطقية جديرة بالاهتمام، بيد أن الأهم منها ، السؤال: مالهدف من الانتخابات إذا ما علمنا انها آلية ديمقراطية ، والثانية (الديمقراطية) بحد ذاتها وسيلة وليست غاية ؟ الاستعانة بالديمقراطية وآلياتها يهدف لإقامة الحكم الرشيد ، يحقق التنمية و مبادئ العدالة الاجتماعية، ويعزز الحقوق والحريات، وسيادة القانون.

   طيلة ثمانية عشر عاماً مضت تمارس الانتخابات، وتنتج عنها برلمانات وحكومات، هل تحققت الغاية المبتغاة؟ مؤكد أن الجواب سيكون بالنفي، فأين الخلل إذن، وما سبل الحل ؟ ثمة عوامل عديدة تقف خلف هذه الأزمة ،  من اهمها ما يتعلق بطبيعة النظام السياسي القائم على المحاصصة ، طبيعة الأحزاب السياسية المتنفذة ، وضعف الوعي السياسي لدى المجتمع.

  دستور عام 2005 النافذ الذي كتب على عجل، وبعقلية رجال الثورة، لا الدولة، مع قلة التجربة وعدم التخصص لدى الكثير ممن أسهم في كتابته أو الإشراف على واضعيه ، قد اسهم في عرقلة الكثير من مبادئ الديمقراطية وزاد من عناصر ضعفها، بالرغم من تأكيده على أن نظام الحكم ديمقراطي ، فجاءت كثير من مواده متعارضة، يحمل بعضها اكثر من تفسير ، فضلاً عن كونه دستوراً جامداُ ، حتى وصف بعض المتخصصين بالقانون الدستوري أن العراق دولة ذات دستور ، وليس دولة دستورية.

 أما في شأن الأحزاب والكتل السياسية ، فهي لا تعد احزاباً بالمنظار الأكاديمي والواقعي ، لفقدانها معظم عناصر الأحزاب (الأيديولوجية، التنظيم، العضوية، الأهداف، ووسائل إنجاز الأهداف) ، فالسمة العامة لها انها أحزاب شخصية، تفتقد الرؤية والتخطيط والبرنامج في بناء دولة وخدمة مواطن، وهو ما اثبتته طوال فترة حكمها أو مشاركتها بالسلطة، بل أنها أسهمت بشكل فاعل ورئيس، في تخلف الدولة عبر شيوع الفساد وسوء الإدارة، والعمل لمصالحها الخاصة على حساب المصلحة الوطنية. مما افقد المواطن الثقة فيها من قيامها بأي عملية إصلاح أو تغيير منشودة . وفي العنصر الثالث لنشوء وتفاقم الأزمة وما آلت إليه الأوضاع العراقية ، يتمثل في ضعف الوعي السياسي العام، إذ لم يفرز نخباً سياسية وطنية تشكل احزاباً تعمل على تغيير المعادلة السياسية المختلة وإعادة التوازن لها، وتركت المجال واسعاً لبقاء ذات الأحزاب التي عززت قبضتها على النظام السياسي بذات الأداء السيء والإمعان فيه، دون أن تكلف نفسها من تغييرات ولو شكلية في مرشحيها . من الضروري لقيام أي عملية تصحيح من آليات ووسائل  فاعلة ، وتمثل الديمقراطية الحقيقية أبرزها، إلا أنها في ذات السياق بحاجة ماسة لبيئة مناسبة، وفي مقدمتها الاحزاب ، وهذه لم تقم على صيغة علمية عملية سليمة ، ولم تسع حتى الآن لبناء جسور ثقة مع المواطنين من خلال تغيير أداءها، كما أن الديمقراطية لا تؤتي أكلها مالم تحل أزمات قائمة ، في مقدمتها أزمة الهوية ، أزمة الشرعية ، أزمة التكامل والاندماج ، وأزمة المشاركة ، وهذه جميعها لم تحل أو حل شيء من بعضها نسبياً. الخروج من الأزمة السياسية الحالية ليس بالشيء اليسير في ظل ما ذكرناه، وتداعيات. يبقى سؤال يطرح عن طبيعة وحجم المشاركة، وهو ما قد يبدو يسيراُ، في انها ستكون ضعيفة جداً، والسبب الرئيس في ذلك حجم الإحباط واليأس الذي يعيشه المواطن العراقي ، بالأخص شريحة الشباب، التي تعيش تيهاً في حاضرها ، وضياعاً لمستقبلها، جراء البطالة وقلة الاكتراث بمشكلاتها، وهذا ما قد يقود إلى عودة التظاهرات والاحتجاجات بوتيرة أوسع، خاصة إذا ما شاب الانتخابات كالتي سبقتها من عمليات تزوير واسعة.

   تبقى نهايات الأزمة السياسية سائبة و مفتوحة على كثير من الاحتمالات، اقربها أنها تنتهي بحالة من عدم الارتياح والرضى الشعبي قد تؤدي بالنهاية إلى شيء من الفوضى وربما  تزيدها التدخلات الإقليمية والدولية ، والوضع المضطرب فيهما سوء، وما قد يجر إليه من نتائج وتداعيات مؤلمة ، لا يمكن لأحد التكهن بها الآن.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع