القائمة الرئيسية

الصفحات

تحديات المستقبل والحكومة الجديدة في العراق بقلم/ د. ايناس عبد الهادي الربيعي

 

 

تحديات المستقبل والحكومة الجديدة في العراق

بقلم/ د. ايناس عبد الهادي الربيعي

 


تحديات المستقبل والحكومة الجديدة في العراق

بقلم/ د. ايناس عبد الهادي الربيعي

 

    منذ عام 2003 شاب الاستقرار السياسي في العراق صراعات عنيفة تكررت على مدى سنوات طوال ، كان نتاجها انطلاق احتجاجات لوضع حد للفساد المستشري الذي يستنزف ثروات البلد مطالبين بتحسين الخدمات العامة مع المطالبة بتغيير الحكومة ، لتكون النتيجة انتخابات تشرين الاول من عام 2021 والتي اعطت نتيجة جديدة عكس الماضي لتظهر الاحزاب الوطنية هي الرابح الرئيسي بما ولد الامل بحكومة جديدة ستعمل على معالجة قضايا عدم الاستقرار السياسي والازمة الاقتصادية والتضخم والبطالة كأبرز امور تعاني منها الدولة العراقية ، كما سيتعين على الحكومة الجديدة تحقيق التوازن في علاقاتها الدولية والاقليمية مع الحفاظ على التوازن بين الحلفاء الفاعلين في العراق ، ونظرا لعدد وشدة التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة وفي مقدمتها الفساد والذي يعده معظم العراقيين الى انه احد اكبر وأكثر المشاكل التي تواجه البلد والحكومة المرتقب تشكيلها ، فاحتجاجات عام 2016 واحتجاجات البصرة في عام 2018 والتي كانت تطالب الحكومة بكل ما سبق ذكره كانت المنطلق لاحتجاجات عام 2019 وما نتج عنها من معطيات ، اذ كانت انتخابات تشرين الاول هي اولى الخطوات لتحقيق ما يصبو اليه العراقيين ، اذ صوت الناخبين لانتخابا (329) برلمانيا جديدا يختارون رئيس الوزراء المقبل ، ليتصدر التيار الصدري النتائج بأعتباره الفائز الاكبر ولتتوزع باقي المقاعد بين باقي الفئات المشاركة ، الا ان بوادر الانقسام بين كافة المكونات السياسية امرا بات يثير قلق الشارع العراقي من التحالفات المزمع انشائها وشخصية رئيس الوزراء المكلف وان كان السيد مصطفى الكاظمي من المرشحين الاوفر حظا لرئاسة الحكومة الجديدة  لأسباب عدة منها ادائه الجيد خلال فترة عام مضت من توليه المنصب سواء على نطاق مكافحة الفساد او بروزه كشخصية فاعلة على الصعيد الاقليمي والدولي .

    وعلى الرغم من ان عملية ترشيح رئيس الوزراء ليست بالأمر المعقد وفقا للقوانين العراقية الا ان عددا من التحديات المستقبلية بانتظار تشكيل الحكومة على الصعيدين المحلي والاقليمي ، فعلى النطاق المحلي نجد ان عملية ادخال اصلاحات اقتصادية قصيرة وطويلة الامد ومحاربة الفساد وتحسين الخدمات الاساسية ومعالجة الفقر والبطالة امرا ليس بالهين اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان على الحكومة التعامل مع المشاكل المتراكمة على مدى سنوات والتي أجبرت السيد عادل عبد المهدي على الاستقالة ، مع كل ذلك تداعيات تفشي وباء كورونا ولا سيما ان العراق يملك ادنى نسبة من متلقي اللقاح في المنطقة المحيطة به ، مع وجوب حذر الحكومة الجديدة من استنفاذ واردات النفط لاغراض سياسية في ظل واقع ان العراق دولة تشكل واردات النفط (94%) من  ميزانيته ، اضافة الى ذلك تحدي اعادة اعمار العراق والذي منذ عام 2003 الى عام 2014 تم انفاق ما قيمته (220) مليار دولار على اعادة بناء البلاد ، والفترة التي تلت تحرر الاراضي العراقية من سيطرة داعش عقد مؤتمر اعادة الاعمار في الكويت والذي تضمن تعهد مانحون دوليون رئيسيون بتقديم ثلاثين مليار دولار والتي لم يتم تحويل معظمها الى الان خوفا من هدرها وسوء ادارتها كأحد الاسباب من تخوف المانحين من اطلاقها، أضافة الى ذلك عودة التهديدات الارهابية التي طالت مناطق عدة في العراق ليكون الملف الامني هو الاخر احدى التحديات التي ستواجه الحكومة المقبلة .

   اما بما يتعلق بالوضع الاقليمي فمن المهم ان تعمل الحكومة الجديدة على الحفاظ على علاقات جيدة بمحيطها الاقليمي والعربي وهو ما يتطلب جهودا حثيثة للسياسة العراقية للعمل على تحقيقه بما يخدم مصالح البلد واستقراره اولا ، دون زجه ليكون مسرحا لتصفية الحسابات ليكون سوء التقدير في اي من تلك الجوانب احد الاسباب لضعف الحكومة القادمة.

   مع كل ما تقدم وما رافق السنين الماضية من احداث تركت اثرا بالغا على الساحة العراقية ،اذ ان اجراء الانتخابات في العراق ولد املا ولا سيما انها كانت مسبوقة بإجبار العديد من السياسيين على الاستقالة بسبب الاحتجاجات الشعبية الامر الذي انعكس بالإيجاب على العملية الانتخابية بما يعطي الامل بأن الاحزاب الفائزة ستعمل على معالجة قضايا عدم الاستقرار السياسي والازمات الاقتصادية والتضخم والبطالة مع الحفاظ على التوازن في علاقاته الخارجية وهو ما سيتطلب من الحكومة الجديدة أظهار مهاراتها الدبلوماسية غير العادية لإدارة تلك الملفات .

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع