القائمة الرئيسية

الصفحات

قراءة في / ولاية المحكمة الجنائية الدولية على الدول غير الاطراف وفقا لنظام روما الاساس للباحث / احمد عبد الجواد عباس بقلم/ د. ايناس عبد الهادي الربيعي

 

 

قراءة في / ولاية المحكمة الجنائية الدولية على الدول غير الاطراف وفقا لنظام روما الاساس للباحث / احمد عبد الجواد عباس

بقلم/ د. ايناس عبد الهادي الربيعي

 


قراءة في / ولاية المحكمة الجنائية الدولية على الدول غير الاطراف وفقا لنظام روما الاساس للباحث / احمد عبد الجواد عباس

بقلم/ د. ايناس عبد الهادي الربيعي

 

   تم إنشاء المحكمة الجنائية الدولية والتي هي محكمة دولية دائمة بموجب معاهدة نظام روما الأساسي في الاول من تموز من عام 2002 والتي تتمثل سلطتها في ممارسة ولايتها القضائية على الأشخاص فيما يتعلق بأخطر الجرائم التي تثير قلقاً دولياً والمعروفة بأنها جرائم الإبادة الجماعية، و الجرائم ضد الإنسانية و جرائم الحرب و جريمة العدوان ،والأهم من ذلك أن ولاية المحكمة الجنائية الدولية مكمّلة للولاية القضائية الجنائية الوطنية ،الدول الموقعة على ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية هي ( 123) دولة، لذا تقتصر السلطة القضائية لـلمحكمة الجنائية الدولية على الجرائم التي يُزعم ارتكابها إما على أراضي الدول التي هي أطراف في نظام روما الأساسي بما في ذلك سفنها وطائراتها المسجلة أو من قبل مواطني هذه الدول.

   وفقا للفقرة الثالثة من المادة (120) من النظام الاساس للمحكمة والتي تنص على : ( يفتح باب الانضمام الى النظام الاساس امام جميع الدول ، وتودع صكوك الانضمام لدى الامين العام للأمم المتحدة ) لذا فالنظام الاساس للمحكمة الجنائية الدولية من المعاهدات الشارعة الهادفة الى تقنين قواعد القانون الدولي الجنائي لتوفير الحماية الجنائية للجنس البشري ، لذا كام أقرار النظام الاساس بصيغة معاهدة دولية هو امر فرضته معوقات قيام المحكمة الجنائية كهيئة من هيئات الامم المتحدة ، لذا جاءت الصيغة التعاهدية مخرجا دوليا امام الامم المتحدة لإخراج هذا المشروع من الفشل او التأجيل والتجاذب الدولي ، ليعد أقرار النظام الاساس إنجازا دوليا وخطوة في طريق تأسيسها على الرغم من الثغرات القانونية التي تضمنها ذلك النظام ، ليخرج مشروع انشاء المحكمة من خزائن اللجان القانونية الدولية الى ارض الواقع.

   ولاية المحكمة الجنائية على الدول غير الاطراف وفقا لنظام روما الاساس عنوان يستحق البحث فعلى الرغم من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية لعام 1969 لم تشر الى فرض التزامات بموجب المعاهدات على الدول غير الاطراف من دون رضاها من خلال احترام مبدأ نسبية أثر المعاهدات الدولية ولم تجعلها تمتد الى الدول غير الاطراف الا برضاها الصريح او المفترض ، الا ان واقع الفقه الدولي ما زال يؤكد على وجود معاهدات دولية تمتد آثارها الى الدول غير الاطراف حيث تمتد أثارها الى الدول جميعا ، وهي تلك التي تتعلق بخلق مركز موضوعي او طرق المواصلات البحرية الدولية او انشاء هيئات دولية لم تكن موجودة فعلا وهو ما ينطبق على نظام روما الاساس والذي يتعلق بأنشاء هيئة دولية جديدة وهي المحكمة الجنائية الدولية ، لذا تبرز اهمية الموضوع من خلال تناول الزام الدول غير الاطراف في النظام الاساس للمحكمة ، موضوع عمد الباحث الى تناوله عبر ثلاثة فصول خصص الاول لبيان القاعدة العامة التي تحكم علاقة الدول غير الاطراف عبر بيان المفاهيم الاساسية لمبدأ نسبية اثر المعاهدات الدولية والاستثناءات على تلك النسبية في فصل اول ومن ثم عمد الى تناول الاحالة الى المحكمة الجنائية الدولية وبيان تلك الحالات ، ليكون الفصل الثالث مخصص لتناول اختصاص مجلس الامن في الاحالة الى المحكمة الجنائية الدولية.

 الا ان ما يثير الانتباه الى السياق المتبع في المعايير القانونية الدولية المعتمدة والتي قد تؤطر في سياق سياسي.

    حيث تبرز بوضوح اثنان من أكبر التحديات التي تواجه القانون الدولي في هذا الجانب  الأول يتعلق بواقع كَوْن بعض المعايير القانونية الدولية أقل وضوحاً من المفاهيم التي تم تطويرها في النظم القانونية المحلية، والثاني هو عدم إنفاذ القانون على المستوى العالمي، ففي بعض مجالات القانون الدولي، لم يتم نقل السلطة القضائية إلى سلطة أعلى من الدول على الإطلاق، أو نُقلت جزئياً فقط كما يتضح من الالتزام العالمي الجزئي بـالمحكمة الجنائية الدولية، ويتجلى هذا الغموض متعدد المستويات بشكل مثالي في وضع فلسطين، فعلى الرغم من أن القانون الدولي يتميز أحياناً بمواقفه القاطعة، إلا أنه لم يتمكن من تحديد مفهوم الدولة أو الاعتراف بها على نحو دقيق، والقضية الفلسطينية ليست المثال الوحيد لهذه الظاهرة لكنها من بين أكثر الحالات تعقيداً.

     حيث يجب تقييم ولاية المحكمة الجنائية الدولية وفقاً لـنظام روما الأساسي و اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، لأن نظام روما المذكور هو معاهدة دولية، وهذا يعني اللجوء إلى المعايير التقليدية لمفهوم الدولة بموجب القانون الدولي، والتي تتطلب عادة سيطرة حكومية فعالة على الإقليم المعني، وفي الوقت الحاضر، تمارس السلطة الفلسطينية نوعاً محدوداً فقط من السيطرة على أجزاء معينة من الضفة الغربية ، ولا شيء في قطاع غزة أو القدس الشرقية ولذلك فإن اختصاصها الجنائي في هذه المناطق محدود ولا يمتد إلى الإسرائيليين، ونتيجة لذلك، يصعب تحديد الولاية القضائية الوطنية التي ستكمّلها المحكمة الجنائية الدولية في هذه الحالة ، ومع ذلك قد تلاحظ المحكمة تلك النسبية التي تبرز في بعض الأحيان عند تطبيق معايير الدولة على سبيل المثال  تم الاعتراف بتايوان من قبل خمس عشرة دولة فقط في جميع أنحاء العالم، على الرغم من استيفائها للمعايير التقليدية إلى حد كبير، في حين كانت الصومال لا تزال تعتبر دولة بعد فترة طويلة من انهيار حكومتها المركزية، اضف الى ذلك يجب أيضاً مراعاة الغرض الذي من أجله أُقِرّت المعاهدة عند محاولة تفسير أحكامها، فقد تأسست المحكمة الجنائية الدولية، بهدف عدم السماح لادعاءات ارتكاب جرائم خطيرة بالمرور دون تمحيص، فإذا قبِلت المحكمة أن فلسطين تمتلك خصائص كافية لكي تُعتبر دولة، فحينئذ يمكنها أن تقرر أنها تمتلك الولاية للتحقيق في الجرائم المزعومة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة، بغض النظر عما إذا كان الجناة المزعومون إسرائيليين أو فلسطينيين ، وفي ضوء هذه التعقيدات يبدو أن النظر في الحجج القانونية الدولية المتعلقة بـنظام روما الأساسي أو الدولة الفلسطينية بمعزل عن السياق السياسي الدولي الذي يتم طرحها فيه، مهمة شاقة ليبرز بوضوح اثنان من أكبر التحديات التي تواجه القانون الدولي في هذه القضية كما أسلفنا القول  الأول يتعلق بواقع كَوْن بعض المعايير القانونية الدولية أقل وضوحاً من المفاهيم التي تم تطويرها في النظم القانونية المحلية، والثاني هو عدم إنفاذ القانون على المستوى العالمي، ففي بعض مجالات القانون الدولي، لم يتم نقل السلطة القضائية إلى سلطة أعلى من الدول على الإطلاق، أو نُقلت جزئياً فقط، كما يتضح من الالتزام العالمي الجزئي بـالمحكمة الجنائية الدولية.

 

 

 

 

 

 

 

 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع