القائمة الرئيسية

الصفحات

القانون نسيج تراكمي غايته صيانة الحقوق، لا تهديدها بالضياع والتبديد

القانون نسيج تراكمي غايته صيانة الحقوق، لا تهديدها بالضياع والتبديد

القانون نسيج تراكمي غايته صيانة الحقوق، لا تهديدها بالضياع والتبديد
القانون نسيج تراكمي غايته صيانة الحقوق، لا تهديدها بالضياع والتبديد

المحامي عارف الشعَّال

((في العام 1893 حلت كارثة مالية بشركة قناة بنما الفرنسية وكانت تتخذ شكل "شركة مساهمة مدنية" وضاع على المساهمين فيها كل ما اكتتبوا به في رأسمالها، ولم يكن من الممكن آنذاك شهر إفلاسها لإنقاذ حقوق دائنيها ومساهميها، لأنها كانت شركة مدنية وليست تجارية، مما أدى إلى خراب كثير من البيوت المالية التي كانت مساهمة بالشركة أو دائنة لها،

فأصدر المشرع الفرنسي قانون لسد هذه الثغرة في أول تموز 1893 سمح بموجبه للدائنين بالتكتل في هيئة دائنين يمثلهم سنديك))


{الدكتور علي غصن – الشركات المدنية – ص39 - طبعة 2011}


هذه الحادثة هي السبب الذي جعل المشرع أن يعدل قانون التجارة بالنص بأن:

((الشركات التي يكون موضوعها مدنياً ولكنها اتخذت صفة الشركات المغفلة أو المحدودة المسؤولية، فتخضع لجميع التزامات التجار ولأحكام الصلح الواقي والإفلاس المقررة في القانون))،

فاستقر هذا المبدأ بالقانون الفرنسي ومنه انتقل للقانون اللبناني، الذي استقينا منه أحكام قانون التجارة القديم 149 لعام 1949 حيق ورد هذا المبدأ بالمادة 9 منه.


ثم تطور النص بعد ذلك في المادة 6 الفقرة 1 من قانون الشركات رقم 3 لعام 2008 فاعتبر أن الشركة تعتبر تجارية إذا اتخذت شكل شركة مساهمة أو محدودة المسؤولية، حتى لو كان موضوعها مدنياً.

ما يعني خضوعها تحت منظومة أحكام الإفلاس والصلح الواقي شديدة الوطأة في حال تخلفها عن تسديد ديونها، ومن المعروف أن هذه الأحكام تتسبب بحجر التاجر تجارياً، وتمنح ضمانة جيدة للدائنين والمساهمين، خلافاً لأحكام شهر الإعسار المدنية.


وهكذا نرى أن القانون صناعة تراكمية تتوسع وتزداد باستمرار، حيث تقنن فيها المجتمعات الحلول القانونية الناجعة للمشاكل والتجارب والمحن التي عصفت بها، للمحافظة على استقرار المجتمع،


لذلك:

لا يمكن تصور جنوح المشرع لتقنين مبادئ تهدد الحقوق بالضياع والتبدد، لأن غايته المحافظة على هذه الحقوق وصيانتها،

ولا يمكننا النظر للنص القائل بترقين الإشارة حكماً في حالة شطب الدعوى، بأن الإشارة فقدت مفاعيلها بالضرورة في حال بقائها مسجلة في الصحيفة، وبالتالي ضياع حقوق صاحب الإشارة وأولويته وأحقيته التي نص عليها القانون، وانتقال الحقوق والأولية لصاحب الإشارة التالية، لمجرد تخلفه عن حضور الدعوى، ربما يكون ناجماً عن خطأ بنقل الموعد، أو ظرف قاهر لا يمكن دفعه،


وبالتالي لا يمكن للمشرع أن يقصد معاقبة صاحب الإشارة على تخلفه بدون منحه أية فرصة أو مهلة أو وسيلة للحفاظ على حقه من الضياع بترقين الإشارة جراء هذا التخلف غير المقصود.


وهذا ما يدفعنا للتأكيد على أن قصد المشرع من هذه القاعدة، هو جعل هذا الترقين من أعمال الديوان بدون الحاجة للرجوع للمحكمة، في حال سها قرار الشطب عن ترقين الإشارة، ولكن ضمن معايير تبليغ قرار الشطب وانتظار المدة القانونية التي سها المشرع عن تقنينها أيضاً بكل أسف
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع