القائمة الرئيسية

الصفحات

الجديد في قانون الإيجارات الأخير - القسم الثاني


الجديد في قانون الإيجارات الأخير - القسم الثاني
الجديد في قانون الإيجارات الأخير

الجديد في قانون الإيجارات الأخير (7)

لزوم ما لا يلزم .... 

والمشرع الذي غدا ملكياً أكثر من الملك...
والنظر للمؤجر كوحش متربص بفريسته.....
من الأحكام الجديدة التي نص عليها القانون ما جاء في المادة (11) منه التي تقول:
((إذا أخلَّ أحد المستأجرين بالتزاماته، فإن أثر هذا الإخلال لا ينسحب على باقي المستأجرين إلا إذا ثبت علمهم به))
في الواقع ظاهر هذا النص يوحي بالعدالة والمنطق، فالمخطئ يتحمل نتيجة فعله وحده ولا ينعكس على غيره، ولكن بالتمعن ملياً به وتحليله، نجد فيه شيء من المغالاة ولا يصب في الاتجاه الذي نحا إليه المشرع في العام 2001 بتسهيل تصفية العلاقات الإيجارية المعقودة قبل ذلك التاريخ وحلّ مشكلة كانت مستعصية، وبالتالي كان من المستحسن عدم إدراجه بالقانون، وترك علاج مثل هذه الحالات التي حاول علاجها للقواعد العامة المنصوص عليها في القانون.
فإذا أخذنا بالاعتبار أن هذه العقارات المؤجرة منذ عقود، انتقل حق الإيجار فيها لورثة المستأجر، ولورثة الورثة أيضاً، أي أنه أضحى لدينا حالة إيجارية خاصة جداً، وهي مالك منفرد بمواجهة كتلة مستأجرين قد لا يعرفهم المالك.
وإذا اعتبرنا أيضاً أنه يوجد ثلاث حالات فقط يمكن أن يخلَّ بها هؤلاء المستأجرين إزاء المالك بموجب هذا القانون وهي:
1) التقصير بالدفع.
2) إساءة استعمال المأجور.
3) التنازل عن المأجور للغير أو تأجيره.
وحيث أنه لا يمكن تصور إساءة بالتقصير بالدفع من مستأجر يمكن أن تنعكس على آخر بسبب الضمانات التي منحها القانون للمستأجر لجهة وجوب توجيه البطاقة للمخاطب بالذات، فلا لزوم لإدراج هذا النص بمتن القانون في هذه الحالة.
يبقى لدينا حالتيّ الإساءة باستعمال المأجور وتأجير الغير.
وإذا ميّزنا بين العقارات المؤجرة لأغراض سكنية، والمؤجرة لأغراض تجارية أو ما يماثلها، لا يمكننا تصور حالة إساءة استعمال مأجور، أو تأجير الغير يمكن أن يقوم بها أحد المستأجرين في العقارات السكنية بدون أن يعلم بها المستأجر الآخر المقيم معه بذات المأجور، بحسبان أن القانون منح الورثة المقيمين مع المستأجر فقط حين الوفاة حق انتقال الإيجار لهم (المادة 12 /هـ)، أي أن كافة المستأجرين مقيمين فعلاً بالمأجور،
فأي إساءة مادية أو معنوية للمأجور أو طغياناً عليه ستجري حتماً بمعرفة المستأجر الآخر المقيم فيه، وكذلك الأمر بالنسبة للتنازل عن المأجور للغير أو تأجيره.
وبناء عليه فإن علم كافة المستأجرين في العقارات السكنية بإخلال أحدهم بالتزاماته مفترض سلفاً، خلافاً لما ورد بظاهر النص الجديد أنه يجب على المالك إثبات علمهم بها، وبالتالي نرى أنه لا لزوم لهذا النص في هذه الحالة أيضاً.
يبقى لدينا العقار المؤجر لأغراض تجارية أو صناعية أو ما يشابهها، وفي هذه الحالة نكون أمام متجر انتقلت ملكيته لكافة ورثة المستأجر، ومن الطبيعي هنا أن ينحصر تواجد أحد المستأجرين بالمأجور دون الآخرين لإدارته والنهوض بأعبائه، وفي هذه الحالة يمكن تصور حالة إخلال من أحد المستأجرين بدون علم الآخرين، كأن يسيء استعمال المأجور أو يطغى عليه، أو تأجيره للغير.
ولكن إذا اعتبرنا أن المتجر المستَأجَر يشكل مورداً للرزق بالنسبة للورثة، وسواء بقي مالاً شائعاً بينهم، أو اتفقوا على استغلاله بأحد أشكال عقود الشركة، فيفترض بهم صيانة هذا المال واتخاذ كافة الإجراءات والضمانات القانونية لحمايته والحفاظ عليه وعلى حقوقهم به،
ويجب عليهم اتخاذ كافة الإجراءات لمنع أحدهم أو الغير، سواء أكان مديراً للمتجر أو حائزاً له بأي طريقة كانت، من العبث به أو الإخلال بالتزاماتهم تجاه المالك أو غيره فيتسبب لهم بالخسارة، فإذا فرَّطوا بحماية مصالحهم وأموالهم، يقع عليهم تبعة تحمل وزر هذا التفريط.
لهذا السبب يبدو أن المشرع في هذه الناحية كان ملكياً أكثر من الملك نفسه، وأصرَّ على حماية من فرَّط بحماية نفسه.
لهذه الأسباب برأينا يعتبر المشرع قد أفرط بدون مبرر جوهري يقتضي تدخله، في حماية المستأجر على حساب المؤجر الذي أمسى هو الطرف الضعيف المسلوبة إرادته في هذه العلاقة، مما كان يحسن معه ترك الموضوع للقواعد العامة الناظمة له في القانون، وترك الاجتهاد القضائي يحكم هذا الوضع،
فقد آن الأوان بالنسبة للعقارات المؤجرة الخاضعة للتمديد الحكمي، عدم النظر للمؤجر وكأنه وحش يتربص بفريسته.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع